From sudaneseonline.com

بقلم : عبدالغني بريش اللايمى
اللغة العربية بديلاً لكل اللغات والإسلام ديناً وحيداً للسودان !/عبدالغني بريش اللايمى/ الولايات المتحدة الأمريكية
By
Dec 22, 2010, 04:34

بسم الله الرحمن الرحيم

اللغة العربية بديلاً لكل اللغات والإسلام ديناً وحيداً للسودان !

عبدالغني بريش اللايمى/ الولايات المتحدة الأمريكية

(( يقول الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله في كتابه فيما يصلح الدين والدنيا أن للإسلام أهداف يرمي إليها بتعاليمه السمحاء ويأمر بالعمل من أجلها وهي :

* السمو الروحي عن طريق تقوى الله تعالى ومحاسبة الضمير حيث يقول تعالى : ( وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) البقرة: 281

* المساواة التامة بين عموم الأفراد حيث يقول صلى الله عليه وسلم «لا فصل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى» ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ ) الحجرات: 13

( * الأخوة الصادقة القائمة على التوادد والتراحم حيث يقول تعالى : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ

الحجرات : 10 ، ويقول صلى الله عليه وسلم «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يخذله» رواه مسلم 0

* التعاون حيث يقول تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) "المائدة: 2" ، وحقيقة البر ما تضمنته الآية الكريمة وهي قوله تعالى : ( وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) البقرة : 177

* القسط والعدالة العامة حيث يقول تعالى : ( قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ ) الأعراف : 29

 * الإحسان حيث يقول تعالى : ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ) النحل : 90، وقال تعالى : ( وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) البقرة : 195

 * التزام الصدق في القول والإخلاص في القول والعمل والوفاء بالعهد والمحافظة على المواعيد والصبر على الشدائد والبر بالآباء وتوقير الكبير والعطف على الصغير مع التواضع والحلم والعناية باليتيم والفقير والمسكين 0

* الامتناع عن الغيبة والنميمة والحسد والخيانة والكذب والتجسس والغش في المعاملة والتطفيف في الميزان وغير ذلك من كل ما يؤدي إلى العداوة والبغضاء كالسكر والمعاملة بالربا 0

 المصدر بهجة الناظرين فيما يصلح الدنيا والدين للشيخ عبد الله بن جار الله آل جار الله ـ رحمه الله ـ ص 339 )) 0

أولاً - ما أوردناه هو بعض ما يدعو إليه الإسلام الصحيح من الفضائل والمبادئ والأخلاق لجعله دينا محببا ومقبولا لدى الإنسانية جمعاء 0

ثانياً - مناسبة هذا الكلام المنقول عن الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله هي إعلان الرئيس السوداني عمر حسن البشير يوم الأحد 20 ديسمبر 2010 أنه سيتم تعديل الدستور الحالي وستكون الشريعة المصدر الرئيسي للتشريع ، في حال انفصال الجنوب في الاستفتاء المقرر في شهر يناير 2011 القادم 0

وقال البشير - في خطاب ألقاه بمدينة القضارف شرقي السودان " إذا اختار الجنوب الانفصال فسيعدل دستور السودان ، وعندها لن يكون هناك مجال للحديث عن تنوع عرقي وثقافي ، وسيكون الإسلام الدين الرسمي والشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع "0 وأكد أيضا أن اللغة الرسمية للدولة ستكون اللغة العربية ( كلام غريب وعجيب مش كدا ؟) 0

القراءة الأولية لخطاب البشير ، هي أنه كرس منحىً لتدمير وتفتيت السودان إلى أكثر من دولتين 0 انه خطاب اتسم بالعنجهية والغطرسة والغباء وعدم بُعد نظر ، وبسلوك مزيف أجوف فارغ ، متجاهلا المعطيات السياسية , والإقتصادية , والإجتماعية , والثقافية , التي ارتكز عليها واقع ما بعد اتفاقية نيفاشا 2005 - كالمشورة الشعبية لولايتي جبال النوبة/والنيل الأزرق 00 وهذا الخطاب الإقصائي الغوغائي المريض سيُدِخل حتما ما يعرف بشمال السودان بعد انفصال الجنوب إلى مفترق طريق تاريخي مرشح بمزيدا من القمع والتنكيل بالشعوب السودانية الشمالية ، لتأكل بعضها البعض , وتضرس رؤوس بعضها البعض أيضا , أو إعلان دويلات سودانية أخرى للتخلص من القمع والإضطهاد والإقصاء الذي حمله الخطاب 0

نعم كان خطاب البشير محبطا وصادما للجميع - لأنه جاء قبل أن يستفيق السودانيين  بتثاقل على أنباء سرقة البشير لتسعة مليار دولار أمريكي من أموال العامة وإيداعها في حسابه الخاص في البنوك البريطانية ، وقبل أن يهضم السودانيين العرض السخيف المضحك جدا والذي قدمه هو لقيادة الحركة الشعبية بشأن وحدة السودان " كل بترول السودان شيلوه وصوتوا لسودان موحد !! - دا كلام يا جماعة ؟ ومش بترول السودان كله في جنوب السودان أي 80% منه ؟ " 0

إذن هذا الخطاب ، وبكل وضوح بداية مرحلة جديدة عنوانها - خلط الأوراق والتلفيق والغش والتخبط السياسي المستند على التطورات الهشة 0 فالسودان مقبل على مآزق حقيقي , لا يمكن التكهن بتداعياتها , حيث كل الخيارات مفتوحة 0 فظهور البشير وإلقاءه هذا الخطاب المتهور دليل على يأسه ، وأنه يريد أن يثبت للناس أنه موجود ، اعتقاداً منه ان ظهوره هذا سيحسن صورته السيئة أمام العالم وأمام مواطنيه البؤساء 0

يبدو ان مصدر قلق البشير وخطابه غير المسؤول وهواجسه وانعطافاته الفجائية يمكن ارجاعها إلى ما جاء في وثائق ويكيليكس المسربة للإعلام العالمي عن معلومات تتهمه بسرقة تسعة مليار دولار أمريكي من أموال الشعوب الشعوب السودانية ، في الوقت الذي يواجه في البلاد ديوناً خارجية يصل لعشرات المليارات , وما قد تحدثه هذه المعلومات من تداعيات على مستوى الشارع السوداني 0 واستقواء البشير ( بالشريعة الإسلامية ) وكلامه عن الغاء التعددية اللغوية والثقافية والدينية ، خطوة استباقية لما يتوقع أن يحصل في الأفق القريب من غضب شعبي عليه جراء سرقاته للأموال العامة 0

ان الدستور المؤقت الذي قال البشير انه سيذهب مع الجنوب في حال انفصاله ، يعترف بالتنوع العرقي والثقافي والديني في السودان ، ويجعل الإنكليزية لغة رسمية إلى جانب العربية ، والإعتراف بكافة  اللغات المحلية 0 غير أن البشير بعد انفصال الجنوب كما قالها صراحةً سيعلنها دولة عربية إسلامية خالصة مقصياً بذلك العشرات من القوميات غير العربية في السودان بمختلف لغاتها وثقافتها 0

والكلام عن الغاء التعددية اللغوية والثقافية والدينية من قبل عمر البشير لشئ يدعو إلى الضحك ، فلغة الشعوب وثقافتها وأديانها لا مساومة عليها ، ولا ينبغي أن تكون الوحدة الوطنية ثمناً لطمس هوية الشعوب المتمثلة في ( لغاتها وثقافتها وعاداتها وتقاليدها ) تطبيقا لقوله سبحانه وتعالى :

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} وفي قوله وتعالى { وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ } (الروم:22) 0

إذن يبدو ان عمر البشير الذي يريد ارغام جميع الشعوب السودانية التحدث باللغة العربية واعتناق الإسلام لا يعر اهتماما للآيات أعلاها ، بل يتضح من خطابه الشعبي أنه في تحدي معها - حيث لم يبق له غير أن يقول ( أنا الله - وأنا الدولة والقانون ) وطز في الجميع كما يقول العقيد الليبي معمر القدافي 0

أن التعددية الثقافية واللغوية والدينية التي يتصف بها المجتمع السوداني - لا يمكن الغاءها بهكذا الخطاب الشعبي المتهور ، وهذا الكلام ببساطة يعني أويقصد به تفكيك ما تبقى من السودان إلى دويلات أو أقاليم أو حتى مقاطعات ومحميات 00 لأن الحرية الثقافية والدينية واللغوية حق من حقوق الإنسان وعنصر هام في التنمية البشرية ، وبالتالي تجريد أصحابها منها سيدفع بهم إلى حمل السلاح للدفاع عنها 0

للقوميات السودانية الحق في الاحتفاظ بهوياتها الإثنية واللغوية والدينية ، بل إن تطبيق السياسات التي تعترف وتحمي تلك الهويات هو الطريق الصحيح للسلام والاستقرار والأمن ، ولا يمكن الحديث عن الوحدة الوطنية والتنمية البشرية والتقدم والإزدهار والرخاء الإقتصادي ما لم يتم احترام وحماية تلك التعددية 0

ان المشكلات التي عانى ويعاني منها السودان اليوم من صراعات أهلية داخلية مزمنة ، بدأت بتبني الدولة السودانية مشروعا لوحدة وطنية تقوم على تجاهل ورفض لغات وثقافات القوميات المختلفة في الدولة ، واعتبارها تهديدا للغة العربية والإسلام والاستقرار والأمن ، وقاد هذا النهج البلاد إلى مجموعة معقدة وشائكة من الصراعات الأهلية والداخلية ، ومن نتائجها العكسية الظاهرة للعيان الآن هي - إنفصال جنوب السوودان ، ومشاكل أخرى قابلة للإنفجار في أي وقت 00 وبالعكس لو كانت الدولة السودانية قد تبنت سياسة السماح لجميع الثقافات واللغات والأديان بالتعبير عن نفسها بالمشاركة الفعالة في الحياة السياسية ، لكانت النتيجة الحتمية - تماسك الوحدة الوطنية والإستقرار والتعايش السلمي 0

وقد أكد تقارير التنمية البشرية للأمم المتحدة على ضرورة احترام التنوع وبناء مجتمعات أكثر اندماجا وتماسكا ، بتبني سياسات تعترف دون فرق بالتباينات اللغوية والدينية والثقافية ، وحسب تقارير الأمم المتحدة فقد أظهرت الدراسات والتجارب أن الدول التي تعترف بالهويات المتعددة وتشجع ازدهار التنوع لا تؤدي إلى تشرذم أو نزاع أهلي ، فمثل هذه السياسات قابلة للحياة والبقاء ، لأن منع التعددية المختلفة هو الذي يمكن أن يؤدي إلى توترات وصراعات ونزاعات داخلية لا يمكن التنبوء بتداعياتها 0

ختاما - يمكن القول ان التعددية في كل دول العالم نعمة وبركة وفخر ، ومصدرا للانسجام السياسي والإقتصادي والإجتماعي 00 الخ ، ومن الأمثلة الناجحة على ذلك - الولايات المتحدة الأميركية ، وكندا ، الهند ، نيجيريا  0 لكن في السودان التعددية أصبحت نقمة ووباء ومرض وخطر يهدد الأمن القومي السوداني وعروبة السودان واسلامه حسب القائمين على أمر البلاد ، وما الهجوم العنيف على التعددية اللغوية والثقافية والدينية والإثنية من قبل عمر البشير إلآ دليلاً على صحة ما نقول 0

أما الشريعة الإسلامية التي تحدث عنها عمر البشير ووعد بتطبيقها في شمال السودان في حال انفصال جنوب السودان ، فهي مجرد ورقة ضغط يستخدمها هو لقمع السودانيين وارهابهم ، حتى يتسنى له البقاء في السلطة أطول فترة ممكنة للهروب من ملاحقة الجنائية الدولية له 0

وإلآ فكيف لرئيس  يدعي الإسلام ، ويقول أنه حريص عليه أكثر من أي مسلم ، ثم يأتي ويقبل بدستور "علماني" ( دستور السودان للمرحلة الإنتقالية ) 00 ثم مرة أخرى يأتي ويقول والله سأغير هذا الدستور "النصراني" وأطبق "الشريعة الإسلامية" بعد انفصال الجنوب ؟ أليس يعبر هذا الموقف عن نفاق وكذب واضحين ؟ - ألآ يعد خطاب البشير بمثابة إعلان حرب على الشعوب السودانية غير العروبية وغير المسلمين ؟ 0

نعم إنه حرب أصولية شعواء وشاملة على الشعوب السودانية غير العروبية وغير المسلمة ، فعلى هذه الشعوب الإستعداد لخوض هذه الحروبات القادمة مع نظام الأقلية الحاكمة في الخـــرطوم للحفاظ على هويتها القومية والدينية 00 ومع ذلك نرجو من عقلاء السودان ومن أولياء أمور البشير أن يجلسوا إليه ومعه ، ويشرحوا له أبعاد وخطورة الكلام الذي يتفوه به أمام الجماهير ، لأن السودان وطن كبير يجب ان يتسع للجميع ، بكل لغاتهم وثقافتهم وقومياتهم وأديانهم 00 الخ 0

[email protected]



© Copyright by sudaneseonline.com