From sudaneseonline.com

بقلم : ثروت قاسم
ويكيليكس السودانية ... والطعن في الفيل الانقاذي ؟ ثروت قاسم
By
Dec 20, 2010, 09:00

 

ويكيليكس السودانية ... والطعن في الفيل الانقاذي ؟

ثروت قاسم

[email protected]

 

مقدمة !

في اي لعبة كوتشينة  , يمسك  اللاعب باوراقه علي صدره ,  بحرص , خوفأ من  أن يبصبص غريمه علي اوراقه وينتزع معلومة  , تحسم اللعبة ! اي لاعب مستعد ان يدفع دم قلبه للحصول علي معلومة عن اوراق غريمه , تفيده في لعب اوراقه , بما يضمن فوزه  !

المعلومة وكيفية التعاطي معها مفتاح الفوز في اي لعبة كوتشينة !

وكذلك , وربما أكثر , في لعبة الامم !

وعليه تصرف الولايات المتحدة الامريكية , كل سنة , أكثر من 60 مليار دولار , للحصول علي المعلومة , وحصريأ للحصول علي المعلومة !  من خلال 16 جهاز استخبارات , توظف , مجتمعة ,  اكثر من 850 الف عنصر دائم  , بخلاف المتعاونين والعملاء !  وفي جميع بقاع العالم ... بما في ذلك محلية قريضة في دار مساليت !

المعلومة الصحيحة وكيفية التعاطي معها ... هذا هو اسم اللعبة !

المعلومة الملغومة !

دعنا نستعرض ادناه اربعة امثلة , يوضح كل مثال منها اهمية المعلومة والاهم  ...   كيفية التعامل معها , في قلب نظام الحكم القائم في  كل حالة من الحالات الاربعة المذكورة ادناه  :

اولا:

عبدالناصر يريد  ,  بشتي الطرق , أن يبني أهرامه ( السد العالي ) , الذي سوف يغمر أراضي شاسعة في بلاد السودان ! وعليه موافقة حكومة السودان ضرورية لبناء الاهرام ! ولكن حكومة عبدالله بيه خليل متعنتة في الوصول الي  أتفاقية كسبية لمصر بخصوص مياه النيل , تضمن لعبدالناصر بناء اهرامه ! لا مفر أذن من تغيير حكومة البيه الديمقراطية  , بحكومة عسكرية , يمكنها اتخاذ قرارات مصيرية وفوقية , تضمن بقائها  في السلطة  , أكثر من ضمان مصلحة بلاد السودان , واهل بلاد السودان !

وقتها  ( 1958 )   كانت هناك نوع  من الجفوة بين عبدالناصر والازهري وحزبه الوطني الاتحادي , لتحول الاخير عن شعارات الوحدة مع  مصر , التي كسب بها انتخابات عام 1953 ! عليه فقد  اتجه عبدالناصر لدعم الختمية , وحزبهم الشعب الديمقراطي , الذي كان حليف حزب الامة في حكومة البيه ( عام 1958 )  , وعلي حساب الازهري وحزبه  الوطني الاتحادي !

ولذلك عمل عبدالناصر علي زرع معلومة مسمومة في اذان البيه بان اولاد بمبة بصدد عقد تحالف جديد بين الازهري والميرغني  , لتكوين حكومة جديدة  , منصاعة لمصر , وضد مصالح السودان , وعلي حساب حكومة البيه !  نقل الواشي الغواصة ان عبدالناصر بصدد توحيد حزبي الوطني الاتحادي والشعب الديمقراطي في حزب  واحد الاتحادي الديمقراطي , وعلي حساب حزب الامة , وضد  مصلحة السودان !

واستطرد الواشي الغواصة  ناصحأ البيه بتسليم الحكومة للجيش السوداني الوطني  لفترة انتقالية محدودة , لتفويت الفرصة علي اولاد بمبة !

بلع البيه الطعم ... وكان ما كان !

السبب ؟ معلومة مغلوطة  من غواصة ...   والاهم  كيفية  تعامل  البيه  معها ؟

ثانيأ :

في مطلع مايو 1969 , طلب السيد محمد احمد المحجوب , رئيس الوزراء ,  تقريرأ من الاستخبارات العسكرية ,  بخصوص أشاعات قوية بقرب حدوث أنقلاب عسكري !

في غياب رئيس الاستخبارات العسكرية في مامورية خارج السودان , أعد الرائد مامون عوض ابوزيد , تقريرأ سريأ للسيد رئيس الوزراء , ينفي فيه هذه الشائعات نفيأ قاطعأ , ويؤكد  ,  بما لايدع مجالا لاي شك , بان الامور تمام التمام في الجيش السوداني !

 قرأ المحجوب تقرير الرائد مامون ,  وبه المعلومة المغلوطة ,  واستمر في قرض الشعر , والنوم علي العسل !

بلع المحجوب  الطعم ... وكان ما كان !

السبب ؟ معلومة مغلوطة من الرائد مامون  ...   والاهم  كيفية  تعامل  المحجوب  معها ؟

ثالثأ :

انتهي الشيخ المتوضئ الترابي من صلاة الفجر يوم الجمعة 30 يونيو 1989 , واطلق معلومة مسمومة ( كذبة بلغاء ) تم اقتياده بموجبها الي السجن حبيسأ , والبشير الي القصر رئيسأ !

صدقت البؤر الاستخباراتية المصرية المزروعة في السودان ( معلومة ) الشيخ  الملغومة ! وتعاملت معها ايجابيا ولمصلحة الانقلاب الانقاذي !

تلفن الرئيس مبارك الي مشارق الارض ومغاربها , داعمأ (  لثورة ؟ )  الانقاذ  الوليدة ومؤكدأ :

( دول بتوعنا ؟ ) !

ونكاية وشماتة في السيد الصادق المهدي , رئيس الوزراء  وقتها , الذي يبغضه الرئيس مبارك , لانه يذكره بالابادات الجماعية التي ارتكبها ( اللواء طيار مبارك )  في جموع الانصار  المدنية المسالمة في الجزيرة ابا  ,  بطائرات  الاليوشن السوفيتية الحربية !

 وكذلك نكاية وشماتة في ديمقراطية وستمنستر  العاملة في حدود مصر الجنوبية , والتي يبغضها الرئيس مبارك !

هرع سفير مصر في صنعاء الي السفير السوداني سيد احمد الحردلو , وهو يفرك في اياديه , فرحأ جزلأ :

( دول اولادنا ؟ ) !

تطمينات الرئيس مبارك ودعمه القوي , قتلا  في المهد أي محاولات لاجهاض محاولة الانقاذ الانقلابية ! وضمنا   لها البقاء  في ايامها الاولي العصيبة ! حتي استتب لها الامر فيما بعد ! وسقطت أقنعتها !

 حتي الولايات المتحدة اكتفت باصدار   بيان ضبلان  ادانت فيه قلب السلطة الديمقراطية ! وبس ؟

 بفضل تطمينات وتاكيدات الرئيس مبارك , لكل من القي السمع وهو شهيد ,  لم يبك أحد علي الديمقراطية المؤودة !

بلع الرئيس مبارك ومعه المجتمع الدولي  الطعم ... وكان ما كان !

السبب ؟ معلومة مغلوطة من الشيخ الترابي المتوضئ  ,  والاهم كيف   تعامل الرئيس مبارك معها ؟

رابعا :

اطلقت ادارة بوش وحكومة بلير ( معلومة ) مغلوطة تؤكد امتلاك عراق  صدام  لأسلحة الدمار الشامل , وأمكانية استعمال  صدام لهذه الاسلحة في ظرف 45 دقيقة , وأن جيش صدام ثالث جيش  , من حيث القوة والتسليح , في العالم ! هدف ادارة بوش وحكومة بلير كان قنطرة عراق صدام , وايجاد المبررات ( التي يقبلها المجتمع الدولي ) لتدميره ... حصريأ لمصلحة اسرائيل !

لم ينف صدام هذه المعلومة , بل حاول استثمارها لتخويف خصومه في داخل العراق , وخارجه , وبالاخص لتخويف أيران !

التعامل  العشوائي قصير النظر لصدام ( الهر الذي يحاكي صولة الاسد ! )   مع هذه المعلومة قذف  بصدام وعراقه الي التوج !

بلع الرئيس صدام   الطعم ... وكان ما كان !

السبب ؟ معلومة مغلوطة من الغرب   ,   والاهم  كيفية تعامل صدام معها ؟

 

سر عظمة  ويكيليكس !

 

كل مثال من الامثلة المذكورة اعلاه يؤكد اهمية المعلومة , والاهم كيفية  التعامل معها !

وهذا ما اكدته بامتياز ويكيليكس !

رغم أن  معظم  تسريبات  ويكيليكس لم تات باي جديد ... سوي تأكيد انطباعات كانت راسخة ومعروفة للكل !

كشفت ويكيليكس المعلومة !

وهذا سر عظمة  ويكيليكس !

 كشفت ويكيليكس المستور والمغتغت ! ووضعت الاوراق علي الطاولة , بحيث أصبح اللاعبون يلعبون علي المكشوف , وأن كان كل لاعب  يلعب لصالح ورقه !

الان  ...     أصبح هناك زمن ما قبل   ويكيليكس  وزمن ما بعد ويكيليكس !

زمن ما بعد ويكيليكس يحتم علي المسئولين التصرف بقدر عال من الشفافية  والمصداقية والوضوح , وعدم التحدث بصوتين ... صوت داخل الغرف , وصوت ثاني مدابر ومعاكس خارج الغرف !

ولكن يمكن افتراض  حدوث  هكذا تصرفات سوية من المسئولين ,  من رابع المستحيلات في عالم ساس يسوس , الذي يحكمه قانون هوبز الشهير ...   ( لا أخلاق في عالم السياسة ) !

زمن ما بعد ويكيليكس سوف يضرب اجهزة المخابرات وعملائها في مقتل ! أذ سوف يسحب منها سبب بقائها  وجدوي استمراريتها !

ويكيليكس سوف تنزع السرية من المخططات الشيطانية لدول الاستكبار وتفضحها ! وتعري الازدواجية في التعاملات السياسية بين الدول  !

لكن سوف تقلب اجهزة الاستخبارات الف هوبة لتدمير ويكيليكس ومؤسسها !

وقد بدات العجلة في الدوران  , في اتجاهين متدابرين , سوف نتناولهما في حلقة قادمة  !

دعنا نستعرض ادناه  ويكيليكس السودانية وتداعياتها ومالاتها !

ويكيليكس السودانية ؟

ويكيليكس السودانية  أنزلت ( يوم الاربعاء 8 ديسمبر 2010 )  في موقع اليوتيوب الالكتروني بالشبكة العنكبوتية تصوير فيديو لعملية تنفيذ حكم بالجلد لشابة سودانية  من مدينة الثورة في امدرمان , في ساحة أحدى مراكز الشرطة في  الكبجاب في امدرمان   ! بعد ادانتها بجريمة الأفعال الفاضحة ( لبس بنطلون ؟ )  ! وتم الجلد في فبراير 2010 ,  في ساحة المحكمة  , بحضور قاض ( بكرافته ؟ )  من قضاة النظام العام كان يهدد  المجلودة  بالجلوس  القرفصاء , وبأدب ,  لتنال عقابها  القانوني والشرعي الاسلاموي  (  ليخلصوا ويفضوها سيرة ؟ ) !  وإلا فالسجن عامين في انتظارها  ؟

كما  صورت ونشرت ويكيليكس السودانية علي  بعض مواقع الانترنيت السودانية  هذا الفيديو  ,  ومررته لقناة الجزيرة مباشر , التي عرضته بدورها , ليشاهده بعض مواطني الدول العربية !

حفزت ويكيليكس الاصلية وتسريباتها الاخيرة , ويكيليكس السودانية لكي تنشر هذا الفيديو الان في شهر ديسمبر 2010 , بعد مرور عشرة شهور علي وقوع الحادث ( فبراير 2010 ) ! ولكن لان تاتي متاخرا , خير من ان لا تاتي ابدأ ؟

هذا الفيديو الذي اصاب كل من شاهده بالغثيان , يصور حادثة واحدة من بين 43 الف حادثة مماثلة , تحدث كل عام في العاصمة القومية ...  عاصمة كل السودانيين مسلمين ومسيحيين ومعتنقي ديانات افريقية ! ومعظم حوادث الجلد المشين هذه تحدث لفتيات جنوبيات مسيحيات قاصرات , كل ذنبهن أنهن ارتكبن ( جريمة ؟ ) لبس تنورة قصيرة  (  قصيرة  حسب تقدير شرطة النظام العام ... قصير النظر ) , أو  لبس  بنطلون  لبني !

ويكيليكس السودانية فضحت هذه الممارسات الذئبية  التي تحدث يوميأ في العاصمة القومية , لمن لا تستطيع , لعوزها وفقرها المادي , أن تدخل يدها في شنطتها ,  لتفدي نفسها وكرامتها !

ويكيليكس السودانية كشفت أن مليون و150 الف جلدة  سوط  عنج  تقع كل عام علي ظهور ووجوه وارجل وايادي فتيات قصر , اغلبهن من المسيحيات الجنوبيات المعدمات , وبطريقة رسمية وقانونية  , في عاصمة السودان القومية , المفروض ان تكون بوتقة  لكل الاديان والملل والنحل , وفي نهاية العقد الاول للقرن الحادي والعشرين  !  وتقع هذه السياط   الذئبية  حسب قانون النظام العام لسنة 1991والمادة 152 عقوبات , وقانون الاجراءات الجنائية , الذى  يخوّل  للقاضى سلطة المحاكمة الايجازية ( فى اى جريمة عدا  الاعدام  )  !

ببساطة حسب القانون والدستور !

 المحاكمة الايجازية القراقوشية الانقاذية تعني ان المحاكم الايجازية  (  محاكم النظام العام  غالبأ  والمحاكم العادية  في بعض الحالات  )  تصدر احكامها ،  وهي احكام نهائية  للتنفيذ الفوري  ,  بعد االنطق بالحكم مباشرة , وفي ساحة المحكمة  , وبالمكشوف !   حتي يشهد جلد (  المذنبة ؟ )   طائفة من المؤمنين , وهم يضحكون ويهللون ؟ لا تقبل المحاكم الايجازية اي  استئناف !

هذه المحاكم العبثية الذئبية   تصدر احكامها  بدون تدوين بينة  , وبدون تحرير تهمة  ! وتكتفي   فقط (  بسماع ؟ )  الشاكي ( شرطي النظام العام ) والمتهم  ( الفتاة  القاصر المغلوبة علي امرها , والتي غالبأ ما تبول في بنطلونها , من جراء الصدمة ؟  ) والشهود ( شرطة النظام العام ؟ )  ,  وبدون  تدوين  حتي لملخص اقوالهم   ؟

محاكم عشوائية ظلامية تعسفية انقاذية ؟ محاكم اشد قسوة  وعبثية من محاكم التفتيش في القرون الوسطي ! محاكم مكارثية استبدادية قهرية !

ويكيليكس السودانية كشفت ان الفيل هو  قانون الاجراءات الجنائية  , الذي تعقد بمقتضاه هذه المحاكم  الايجازية , العبثية  , الذئبية ,  الانقاذية ! وكشفت ان ضل الفيل هو شرطة النظام العام وقضاة النظام العام , الذين ينفذون القوانين , لا أكثر , بل أقل !

 أذن يجب علينا أن نطعن في الفيل , وليس في ضله ؟

يجب ان نطالب بالصوت العالي  بالالغاء الفوري لقانون النظام  العام والمادة 152 عقوبات , والمحاكم الايجازية  الذئبية .

 هذا القانون ومحاكمه الايجازية هو الفيل الذي يجب ان نوجه اليه طعناتنا ! وليس في ضله المتمثل في  قضاة  وشرطة النظام العام !

يجب ان نوجه طعناتنا لقادة المؤتمر الوطني  ( الفيل الاكبر ) من أمثال  البروفسير إبراهيم أحمد عمر (  مستشار رئيس الجمهورية ) , الذي نبح  ( الخميس 9 ديسمبر 2010 ) بأن وحدة السودان لن تقوم بالتنحي عن الشريعة الإسلامية !

يضحي هذا  ( الرجل ) وبقية المؤتمراونطجية بوحدة السودان المقدسة مقابل شريعة صورية , ما أنزل الله بها من سلطان ,  تعكسها  وتجسدها مليون و150 الف جلدة  سوط  عنج ,  كل عام , علي وجوه واجساد  الفتيات السودانيات  المعدمات , في عاصمة السودان القومية ؟ هذا  ( الرجل )  وامثاله  من الذئاب البشرية ,  هم أس الداء , وراس الافعي , التي يجب قطعها اليوم , وليس غدأ !

يجب ان نوجه طعناتنا لقادة المؤتمر الوطني  ( الفيل الاكبر ) من أمثال  الشيخ عمر إدريس حضرة (  رئيس المجلس الأعلى للدعوة الإسلامية بوزارة الأوقاف ) , الذي أنذر  ( الخميس 9 ديسمبر 2010 ) ً بأن :

 ( الانفصال سيفرض علينا الحرب ...  فيجب أن نكون على أتم استعداد لها ! ) .

لا مجال للحوار مع , بل الطعن في  , هذه الافيال التكفيرية الطالبانية الظلامية التي تسئ فهم قطعيات الوحي وصحيح السنة , وتبشر وتدعو وتعمل جاهدة لتفتيت بلاد السودان , وقذفه في أتون الحروب الاهلية !

لا مجال للحوار مع , بل الطعن في  , هذه الافيال التكفيرية الطالبانية الظلامية التي تجاهد  لقمع وإذلال  وقهر المرأة السودانية  !

 يجب ان نوقف هذه الافيال عند حدها ,  اليوم وليس غدا , قبل ان تمزق الوطن , وتحطم تركيبته الاحتماعية ,  وقيمه الاخلاقية السمحة

© Copyright by sudaneseonline.com