From sudaneseonline.com

بقلم : مجتبى عرمان
طوبى لنساء بلادي .. الواقعات تحت سياط الوحش!/ مجتبى عرمان
By
Dec 18, 2010, 19:19

طوبى لنساء بلادي .. الواقعات تحت سياط الوحش!

  مجتبى عرمان

[email protected]

حزانى ... ومفعمين بالمرارة ونحن نشاهد نساء بلادنا يُجلدن على مآدب اللئام وسياط العسكر التي تنضح حقداً وتتفجر دماً .. واضعين في الاعتبار أن من يستحق الجلد هم من يسرقون قوت الشعب وصائدي الثروات والمبذرين وأصحاب الأرصدة المليارية .. وليس تلك الفتاة الغلبانة!

ففي البدء كان قانون منع النساء من الاختلاط في الأماكن العامة حتى مع أزواجهن ومع من نحب ونهوى وفي الهواء الطلق بعد أن كتمت الفاشية أنفاس الوطن وتصلبت شرايينه الثقافية والاجتماعية والسياسية وفي الوطن الدامي والمنتهب والمهدد بالغوائل .. من جوع ومرض وتفك اجتماعي وأسري.

وأيضاً دولة الأمويين الجدد ومع سبق الإصرار والترصد تركت أولويات الحكم الراشد وأمنهم من جوع ومن خوف! وأساس الحكم هو العدل وإصلاح حال (الرعية) وليس التطاول عليهم في البنيان ومثنى وثلاث ورباع! والله ينصر الدولة العادلة حتى لو كانت كافرة!

نقطة أولى:

شعرت وغيري بالحزن ونحن نشاهد تلك الفتاة الشريفة والبريئة كما الورود في الصباح الباكر وهؤلاء (الرجال) ونفوسهم العدوانية ينهالون عليها وبشكل سادي وبالضرب وكأنهم يضربون (كلب مسعور) .. فالكلاب والحيوانات في أوربا لا تعامل بتلك الوحشية! ولكن حياة الإنسان في بلادي غير مقدسة بالمرة!

وكأنهم لم يسمعوا بالمرأة التي حبست القطة ودخلت فيها النار! وأيضاً وبمقاييس (الرجالة) السودانية لا تعامل المرأة بتلك الوحشية ولا أعرف أين كان هؤلاء حينما دخلت قوات الدكتور خليل إبراهيم أمدرمان أم لأنها لا تمتلك ما يمتلكه خليل إبراهيم (أي تلك الفتاة)!

أيضاً ألا تجسد حادثة ضرب تلك الفتاة وبهذه الوحشية مقولة الاستبداد الشرقي التي ترى في المرأة كائن يستحق الجلد والسحق؟ ألا تمثل انعدام أدنى درجات العدالة وتطبيقها في بلادي؟ أولا تمثل الطغيان وهو يمشي على قدمين والزيف والظلام والجهالة والتخلف؟ ألا تجسد مقولة أن الإنسان ذئب لأخيه الإنسان؟

علاوة على ذلك، أولا تجسد هذه الحادثة سيادة شريعة الأقوياء وتقسم البشر إلى ساحق بيده آلة الدولة العمياء وأدوات قهره،ا وكم هائل من المقهورين والمعدمين والمهمشين والمسحوقين .. وذلك لأن هنالك نساء في بلادي يمتلكن السلطة ويلبسن كما يحلو لهن (وأنا لست ضد الاختيارات الشخصية في الملبس والتحرك بحرية)، ولكن أريد أن أبين أن هنالك خيار وفقوس في تعامل ما يسمى بالنظام العام مع النساء والرجال فيما يخص الملبس. ومن أراد التأكد عليه بالذهاب إلى الأماكن العامة التي يرتادها الأثرياء الجدد والفئات الشبعانة حد البطر في سودان المشروع الحضاري! ولو كانت تلك الفتاة تمتلك (ضهر) لما انجلدت على بطنها! وهي (An area of study) أي هذا الكلام حول القهر الذي يقع على نساء بلادي أصناف وألوان ... فكلما كانت المرأة صاحبة سلطة اقتصادية أو أسرتها قريبة من أهل الصولجان .. كانت المسافة بينها وتلك السياط كالتي بين السماء والأرض .. فأولاً العربة المظللة تقيك من هجير الشمس ونظرات الحاسدين والراصدين والعسس ولا يتجرأ عسكري وكل (من هب ودب) أن يسأل إلى أين أنتي تذهبين، ثم تلك الأماكن التي ترتادينها (no-fly-police) أي منطقة محرمة على العسس.. وإن وجدوا فهم تأكدي عزيزتي لحراسة تلكم العربات ذات الدفع الرباعيّ!

فإذن هنالك علاقة ما بين المكانة الاجتماعية والاقتصادية(socioeconomic status) والقهر والإهانة.. فأصحاب السلطة هم في مأمن من العسس .. فدعونا من حكاية إقامة وتنفيذ شرع الله! وإلا لماذا لم تجلد الأستاذة لبنى أحمد حسين وجلدن اللائي كن معها، بل أصحاب الصولجان هم من دفعوا الغرامة!

أخيراً سلام إليك أيتها الصلبة، يا من تتحملين سياط القهر والإذلال .. سلام عليك لأنك تشكلين غصناً يانعاً من أغصان نضال المرأة السودانية من أجل المساواة في الكرامة والإنسانية .. سلام عليك يا حفيدة الكنداكة ومهيرة وعازة محمد عبد الله وأنتي تواجهين كل ما هو قبيح ومنحط في السلطة والنظام الأبوي الأصولي الأرثوذكسي وكل ما هو منحط في التاريخ .. آلاف التحايا لكي وأنتي تواجهين زمن البرابرة الجدد الزاحف كالجراد (والعتاب) لالتهام كل ما هو أخضر .. سلام لكي وأنت تصرخين تحت سياط جلاديك .. غليظي القلوب .. ترسمين لوحة الصمود في الجسد السوداني المستباح .. ومن تحتنا الأرض تترنح من وطأة الظلم .. وظلم ذوي القربى ...!  

عمي مساءً يا من تفضحين عورة البرابرة والقياصرة الجدد ومستجدي النعمة والسلطة .. معلنة سقوط المشروع الحضاري جداً للمرة المليون .. فصرخاتك تلك لا بد أن تُعلي من شأن الإنسان المُذل والمرأة المهانة والمقهورة في بلادي .. فصرخاتك آتية من أعماق هاوية اليأس!  

فلكي مني ولنساء بلادي ونساء دارفور في المعسكرات آلاف التحايا والشمس ما برحت ساطعة فوق التلال!

 



© Copyright by sudaneseonline.com