اخر الاخبار من السودان لشهر ينائر 2006
أخر الاخبار من السودان

الدكتور على الحاج يكشف مزيد من اسرار الانقاذ فى حلقات (1)

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
7/2/2006 5:10 م


هذه هى الاسباب التى ادت الى هذه النتائج
الاجندة الخفية كيف كانت تمارس
الاتحاد الافريقى اعطى السودان حقه باستضافة القمة ورفض حماية البشير من المحكمة الجنائية الدولية

كنت أكثر الناس ثقة في »اخواننا«.. لكنهم خذلونا!!

الترابي تحدث عن الفساد.. فقالوا أراد إسقاط الحكومة

د. علي الحاج محمد رمز من رموز الحركة الاسلامية السودانية، عرف بالحيوية والذكاء والقدرة على الفعل في كل المواقف.. فقد عركته التجربة وخبرته الدروب الصعبة التي مشاها تيار الحركة الاسلامية ما بين فضاء تلاحقه عيون الأمن وحجرات في السجون باردة في الشتاء وساخنة في الصيف مظلمة إلا من شعاع تسرقه نافذة الزنزانة من ضوء الشمس.. الى أزمنة في تاريخ وطني سكنتها الغربة حتى بين نيلها الازرق ورصيفه الابيض.

والآن هو هناك يختار موقعه طواعية في مدن الثلج بعد »الشرخ الاليم« في كيان الحركة الاسلامية ينتظر مثل غيره ان يستفيق» المارد« من هجوعه وسباته وان يكف جرحه النازف الذي تحوم حوله ذئاب الاستعمار.. إنه مثل آخرين كثر اختاروا الصمت لغة والحسرة رفيقاً.. لكنه الآن يتحدث لنا:

د. علي .. بعد كل هذه السنوات هل توصلتم الي ان المكمن الاساسي الذي ادي للخلاف بينكم وأدي لانفراط العقد هل هو خلاف حول السلطة ام الاجتهادات الفقهية من قبل رموز الحركة الاسلامية لإدارة الدولة والتي كانت تثير دائما كثيرا من اللغط والرفض؟

الاسباب متعددة ومتشعبة ومتراكمة والتراكمات هذه هي التي ادت الي هذه النتائج وساحاول اجمال هذه الاسباب في ا لآتي: اولا ضعف وعينا وادراكنا لتفاعلات السلطة ودخلناها بمفاهيم و علاقات التنظيم دون وضع هامش او مساحة بينهما الا في ما ندر ولم نكن نتحسب لما يمكن ان تفعله السلطة من تغيير في الاشخاص رغم اننا من الناحية النظرية كنا نتلو القرآن ونمر علي الآيات وكانها تخاطب اشخاصا اخرين غيرنا والآيات تتري وتتداول،،الخ (كلا ان الانسان ليطغي، ان رآه استغني، ان الي ربك الرجعي ) ( والعصر ان الانسان لفي خسر، الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وتواصوا بالحق، وتواصوا بالصبر) وهذه السورة نتلوها دبر كل لقاء تقريبا وكنا نحسب الانسان الذي في خسر هو شخص آخر غيرنا نحن الذين نتلوا هذه الاية !! (ان قارون كان من قوم موسي فبغي عليهم ....الخ) هذا فضلا عن الاحاديث النبوية.. الخ ولا اود ان اتحدث عما توصل اليه الارث الانساني في قضايا وتفاعلات السلطة والتي لاشك ان هنالك عددا منا له نصيب منها الا انها تظل نصيبا نظريا بيد انها بنيت علي تجارب وممارسات انسانية ( السلطة مفسدة، و السلطة المطلقة تفسد إفسادا مطلقا).

وماذا ايضا؟

- ثانيا الثقة والثقة المفرطة (احيانا) في بعضنا البعض وهذه ايضا من التنظيم ولم نكن ندرك تاثير السلطة والمال و....الخ علي البشر وظللنا نعتبرهم هم نفس الاشخاص حتي اذا كانت هنالك بعض الملاحظات المهمة!! لم نكن نتعامل معها بشيء من الجدية. وبالطبع الثقة لا تعني عدم المساءلة بل ان الثقة قد تتاكد وتتجد بالمساءلة وقد يحدث عكس ذلك. لا يفهم من هذا انني ضد الثقة انني قد كنت من اكثر الناس ثقة في (اخواننا) ولكن ما كنت مدركا لاستغلال هذه الثقة من قبل البعض! واني لي ان اعلم؟؟ انا هنا اتحدث عن نفسي ولا القي باللوم علي الآخرين! ولكنني لا اشك وخاصة علي مستوي القيادة التي اتعامل معها كانت هذه الثقة هي الاساس . ولقد حكي لي عدد من الشباب عن عدد من الملاحظات التي ذهبوا بها الي الامين العام ولكن كان الرد دائما وابدا اتقواالله في أخوانكم لثقة الامين العام في الشخص المعني!! وليس دفاعا عن الامين العام ولكن للحقيقة لو كنت في موقف الامين العام لما تصرفت بطريقة اخري وفي الظروف التي كنا نعيشها! هذه حقيقة!! وقد كنا ندافع عن كثير من الاعمال باعتبار الثقة وباعتبار انها لا يمكن ان تحدث عقلا ودينا وخلقا !! مثلا بعض الممارسات التي كانت تقوم بها الاجهزة الامنية وقد كنت من اكثر الناس نقدا وهجوما علي كتاب الدكتور عبد الوهاب الافندي في ذلك الوقت (الثورة والإصلاح في السودان) على سبيل المثال .. لا لأنني ذهبت وتقصيت عما جاء في الكتاب ولكن من منطلق الثقة!! وهنالك امثلة اخري كثيرة .

لكنك لم تتطرق لموضوع الفساد .. فلا يخفي علي احد ان عدم وجود مؤسسات محاسبية وطرف يرمي عليه اللوم في الحال الذي آل اليه حال البلد كان اقوي اسباب الخلافات؟

ثالثا عدم المحاسبة وعدم وجود المؤسسات المحاسبية بدون شك في ظل الثقة التي تحدثنا عنها وبغياب المحاسبة يصبح كل شيء وارد من طغيان وفساد وافساد والمرة الوحيدة التي تحدث فيها الشيخ الترابي عن الفساد و التي قال عنه أنه يبلغ (بضع في المائة (٪)) قامت الدنيا ولم تقعد!! واعتبرت هذه من الكبائر وليت الشيخ استمر في كشفه عن الفساد؟ فاذا كان حديث الشيخ نفسه عن الفساد وفي ذلك الوقت يقابل بمثل تلك الهجمة فمن غيره يجرؤ علي الحديث عن الفساد! وبعض الاوساط الحاكمة اليوم ظنت ان القصد من الحديث هو اسقاط الحكومة في ذلك الوقت؟! وليت الشيخ فعل ! ولكن القصد من الحديث كان الاصلاح والردع !! فانت تري مدي رد الفعل من الذين في السلطة ولكن الثقة والأمل والرجاء في اصلاح الامر كان واردا ولكن لم تقم هنالك مؤسسات فاعلة لتولي المحاسبة. ان موقفنا من عدم المحاسبة لم اجد له اي سند من القرآن او السنة كما لم اجد له سندا من الارث الانساني وتجاربه التي وصل اليها.( هنالك بعض المحاسبات تمت ولكنها لم تعلن حتي لعامة الحركة الاسلامية وهي اقرب الي ملاومات منها الي محاسبات) فالاسلوب القرآني في التوجيه والتوبيخ والمسآءلة والمحاسبة بالنسبة للانبياء والرسل كان علنا وآنيا وهؤلاء الرسل هم من المصطفيين الاخيار ومن خيار البشر ( ان الله اصطفي ادم ونوحا وآ ل ابراهيم وآ لعمران علي العالمين ....الخ) ولكنه لم يتركهم اذا وقع منهم ما هو خارج عن العصمة او ماهو فيه التصرف والاجتهاد البشري والامثلة كثيرة لمن شاء ان يعتبر !..الخ ادم عليه السلام ( الم انهكما عن تلكم الشجرة واقل لكما ان الشيطان لكما عدو مبين ..الخ) نوح عليه السلام ( ... انه ليس من اهلك انه عمل غيرصالح ..الخ) ابراهيم عليه السلام ( يا ابراهيم اعرض عن هذا ...الخ) ... الخ وللنبي الخاتم نبينا محمد ([ ) وان كادوا ليفتنونك عن الذي اوحينا اليك لتفتري علينا غيره واذا لاتخذوك خليلا، ولولا ان ثبتناك لقد كدت تركن اليهم شيئا قليلا ....الخ) ( ليس لك من الامر شئء او يتوب عليهم اويعذبهم فانهم ظالمون) (عبس وتولي ان جاءه الاعمي ...الخ)( يا ايها النبي لم تحرم ما احل الله لك ...الخ) ........ الخ بالطبع ليس هنالك وحي اليوم ولكن القرآن بيننا وهو الوحي الخالد والقران حجة لك اوعليك خلاصة ما اود ان قوله في هذا الصدد ان الاسلوب الذي اتبعناه في المحاسبة او عدمها ومهما كانت دواعيه الا ان هنا لك تباينا بينه وبين الهدي القرآني ! ونهج السنة المطهرة والخلفاء الراشدين ...الخ والتي كنا نستدل بها من اقوال وافعال ابي بكر وعمر وعثمان وعلي ... ولا أود أن اسرد شيئا منها فهي معلومة لديكم !! ولكنها من الناحية العملية لم تكن هادية لنا بالقدر الذي كان يمكن ان يحد من كثير من التصرفات

..

لكنكم استمرأتم الاستمرار في هذا الاسلوب رغم تبصركم بما كان يحدث؟

لم نستفد من التجربة التي وصلت اليها البشرية بتجاربها غير المهتدية بالدين في بعض الاوقات وهذا لا يقدح فيها طالما انها اجتهادات ونتاج لتجارب بشرية وليدة الخطأ والصواب وانا هنا لا اتحدث عن تجارب البشرية في اي شيء وانما تحديدا في مجال المحاسبة المؤسسية و التي قد تطال اي شخص في اطار الدولة !! ولقد صدق من قال لي مرة ان تصرفكم تجاه المحاسبات او بالاحري عدم المحاسبات والامبالاة في بعض الاوقات !! لا تتناسق مع فكركم ولا مع تجاربكم الشخصية خا صة انتم قيادة واعية ومدركة ؟ وبعبارة اخري وفي الاطار القرآني (كنتم مستبصرين )!! في اشارة الي الآية 38 من سورة العنكبوت ( وعاداً وثمودا وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطن اعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين )

رابعا : ظاهرة الباطنية ( ما بطن) والاجندة الخفية !! لقد اتضح وبكل اسف ان هنالك لقاءات ومناقشات جلها مع جهات خارجية وكلها كانت تتم من وراء الظهر وهذه لم تكن في الحسبان! ولولا انها نشرت واصبحت من المسائل المعروفة لما اكتشفناها بالطريقة التي كنا نتعامل بها. وحتي اذا قيلت لنا في حينها لما صدقها احد! بل ربما كان الذي ياتي بمثل هذه المعلومات ومهما كان قدره لا يجد الا الاهمال هذا اذا لم يتهم بان له غرضا ذاتيا( كالغيرة مثلا) وذلك من شدة الثقة التي كنا نتعامل بها ! ولكثرة ما سمعت وقرأت اصبحت اقول ان ماتم من مفاصلة هو تحصيل حاصل !! لان المفاصلة كانت قائمة واقعا وان ما تم هو الاعلان فقط؟؟! لهذه الدرجة ! وكثير من الناس سيعجبون من هذا القول ! بل والكثير من اعضاء الحركة الاسلامية سيتعجبون ولكن هذا هو الواقع . وهذه الاجندة تتم علي مستوي القيادة ! لا القاعدة والتي اظن انها الاصدق حتي اليوم وعندما اتحدث عن القاعدة لا اعني قاعدة الحركة الاسلامية التي بالشعبي اليوم وانما اعني بها القاعدة العريضة للحركة الاسلامية سواء اكان منها بالشعبي او( الوطني) فهولاء كقاعدة لا احسب ان لديهم ما يبرر الاجندة الخفية وعلي كل لم يكونوا محط انظار القوي الخارجية ولذا انحصرت هذه المسالة في القيادة واصبحت هذه الفتنة فوقية ؟؟!!

د. علي .. طالما تحدثتم عن اجندة خفية كان يمارسها الطرف الاخر ، اين كنتم؟ ولماذا وانتم صناع القرار الحقيقيين تجاوزتم هذه المواقف ولم تكشفوا عنها الا بعد اختلافكم؟

اليس هذا بالشيء الغريب ان تكون هنالك اجندة خفية وفي اطار الحركة الاسلامية؟ والسؤال هل كنا حقيقة لم نسمع بها؟؟ ام ان بعضنا قد سمع بها وصرفها من منطلق ان هذه ( من الوسواس الخناس) انا هنا اعترف بانني قد سمعت بعد الحكاوي والمناجاة التي كانت تحدث من البعض؟؟ ولكني كنت اطرحها جانبا لسببين اساسيين اولهما ليست هنالك وسيلة للتاكد من مدى صحة مثل هذه الاتهامات، وثانيهما، اذا اردت التاكد من مثل هذه الاتهامات والهواجس فلا بد من تتبع هذه الحكاوي بوسائل تجعلك تتجسس علي اعضاء من قيادتك وهذا بالنسبة لنا كان وما زال مرفوضا وكان لسان حالي دائما ان انتظر اليقين وهذا اليقين قد ثبت ولله في خلقه شؤون !!

هذه الاجندة الخفية كانت تغطي مساحات واسعة ومن ضمنها الاستغلال الكامل للاجهزة الامنية لا من حيث ممارساتها المعلومة داخليا وخارجيا وحسب! وانما من حيث تكوينها وتركيبتها. وايضا طالت قطاعات اخري ذات اهميات اقتصادية واستراتيجية ...الخ كما تعلمون. وهذه الاجندة الخفية ما زالت تمارس حتي اليوم لانها اصبحت سمة واضحة ولذا فان تفسيري لكثير من التناقضات التي لا تخطئها العين والتي يعجز الكثير من المراقبين عن تفسيرها هي تقع في دائرة الاجندة الخفية وهذه قد تطال كل شئء في السودان ومع اي شخص (بلاحدود وبلا قيود) !!!

خامسا :- عدم الالتفات الي النذر، هذه النذر بعضها قد يأتي من أفراد باعتبارات الملاحظات التي يسوقها بعض الشباب والذين يعملون في كثير من المواقع وليست لهم صفة تنظيمية تؤهلهم للحديث عن القيادة الا من سبيل الحرص، والخوف من الانحراف، وغالبا ما تصرف ملاحظاتهم بمنطق الثقة، وهنالك البعض قد يصرف النظر عن بعض ملاحظاتهم بحجة الغيرة ، وهنالك قطاعات أخرى قد أبدت رأيها وملاحظاتها بعد اعلان المفاصلة، وهي ملاحظات مهمة وجديرة بالاعتبار ولكنها في تقديري اذا قيلت في تلك الظروف التي كنا نعيشها لما وجدت الاهتمام او لما غيرت في الامور شيئا، انني لست مع حجبها في ذلك الوقت رغم ما قلته سلفاً.

وهنالك سؤال مطروح ، وهو لماذا تتحرج بعض القيادات من ان تتكلم بما تسمع وماتري في حينها ؟ هذا ايضا جانب ضعف فينا مهما كانت الدوافع.

هنالك نذر طغيان واستكبار سمعناها جميعا وفي اجتماعات رسمية محضورة ولكن لم نتصدِ لها كما ينبغي، كل حسب تقديره الشخصي ولكنا كمؤسسة او حركة لم نفعل شيئا، بعضنا يحسب ان هذه نزعة أو هيجة ، ولن يترتب عليها شيء عملي، فلماذا ناخذ هذا الحديث ماخذ الجد؟ وماذا سنفعل من الناحية العملية ؟ البعض ومن منطلق الثقة ( وانا منهم) كان يعتقد ان هذا لايمكن ان يحدث ، مثلا الحديث الذي ادلي به الرئيس في اجتماع هيئة الشوري والتي كانت تضم اكثر من ثلاثمائة من الاعضاء !! وقد كان رد فعل الرئيس عنيفا لان الحديث قد مس القوات المسلحة، وذلك كرد فعل للنقد الذي وجه للقوات المسلحة بعد سقوط الكرمك،.ولم تترك مساحة لاي عضو ان يعقب او يعلق، ثم من بعد ذلك. جاء التهديد الصريح من الرئيس وفي اجتماع الهيئة القيادية والتي تضم اكثر من تسعين عضوا. ولقد هدد الرئيس بانهم قاموا بالانقلاب ومستعدون للقيام به مرة اخري، وقد كنت احسب ان هذه هيجة من هيجات الرئيس المشهورة ، ولانني اعلم وكثيرون غيري من الحضور كانوا يعلمون من الذي قام بالانقلاب، وانا هنا ذكرت ما وقع امامنا جميعا ومن الرئيس ،ولم نفعل شيئا ، وما سقته هنا يغنيني عن حديث الآحاد والمناجاة، والبعض والبعض...الخ ولكن اخيرا وقع كل ماكنا لانتوقعه ، فهل كانت تلك الهيجات بالونات اختبار ونذر؟ ام هي اشارات وارهاصات ولكنا تمارينا بالنذر.وعلي كل فان النتيجة واحدة ، لان الثقة في اخينا الرئيس كانت اكبر من ان ناخذ عباراته ماخذ الجد، والي ان ياتي اليقين وقد اتي .

سادسا و أخيرا:- النهج الغير معلن والذي كنا نسير عليه حتى في القضايا المهمة، وغياب الاعلام، اضف الي ذلك طبيعة النظام الشمولي .. كلها ساهمت مساهمة فاعلة وسالبة ورغم المحاولات الجادة السابقة واللاحقة في الانتقال بالنظام من الشمولية الي الديمقراطية الا ان الشمولية مازالت غالبة وكنت احسب ان مشاركة البعض في مناقشة واقرار وثيقة تسمي الدستور كنت احسب ان هذه المشاركة في حد ذاتها من الناحية السياسية والادبية والاخلاقية...الخ كفيلة بان تُحترم تلك الوثيقة، ولكني كنت مخطئ فيما ذهبت اليه،وهذا المثل الذي اسوقه سيلقي بظلاله علي اية وثيقة تكتب مستقبلا مهما كان نوعها وكنهها، ومهما شهد عليها الشهود، واقسم عليها من اقسم.. اللهم الا ان تكون من المعلقات، ولكن لا ادري اين تعلق ؟وانا هنا لا اتحدث عن المعارضة وموقفها الرافض للدستور!!

لا شك ان كل سبب من الاسباب التي ذكرتها كفيل بان يؤدي الي ما آلت اليه الحركة الاسلامية فاذا اخذنا في الاعتبار تراكمات وتفاعلات هذه الاسباب لادركنا النتائج الماثلة امامنا وقد ضاعف وعمق من هذه التراكمات انفراد الحركة الاسلامية بالسلطة وغياب المدافعة الحقيقية مع القوي السيـــــاسية الاخــري ؟

لقد حاولت في هذه الاجوبة ان اتحدث كشخص في داخل الحركة و لست مراقبا من البعد او مشاهدا عابرا وبالطبع لا ادعي الاحاطة بكل ما كان يجري ولكن ما سقته هو مما تيسر لي من علم محدود بما كان يجري،وإنني بطرحي هذا اردت ان اركز علي الجوانب التي يمكن ان تعالج مستقبلا اذ انني ما زلت اؤمن بان حركة الاسلام (ولا أقول الحركة الإسلامية) ما زال امامها الطريق للمزيد من التقويم والتعديل ولتعتبر بما جري في السودان.

لماذا افتقد الاسلاميون ادب الخلاف والذي وضح بعد تداعيات انشقاق الحركة الاخير واصبح القاصي والداني يشمت فيما آل اليه حالكم رغم مسؤوليتكم جميعا عما حدث؟

الخلاف عند المسلمين عامة ولا اقول عندالاسلاميين له آدابه وادبياته والتي تم تدوينها وتوثيقها ومرجعياتها عبر القرون وهي في تقديري تنقسم الي خلافات فقهية منها النظرية والعملية ومنها ما يتعلق بالعبادات والاجتماعيات والعلاقات ....الخ وهذه كلها تثير جدلا نظريا قد لا يترتب عليه الا القليل ممايتعلق بالحقوق والواجبات وفيها متسع كبير وعلم غزير.

ولكن ورغم غزارة وكثرة العلم في هذه الجوانب الا ان ادب الخلاف في اطار السلطان والسلطة وآاليات السلطة والشوري وآليات الشوري وتداول السلطة سلميا .. في هذه الجوانب بصفة عامة فان الادب والادبيات فيها قليل مقارنة بما في الفقه الاسلامي عامة وهذه الفجوة في التفقه بين ( السلطاني وآلياته وعامة الفقه) - فضلا عن الفارق الزمني وما حدث فيه من تطورات في الحياة عامة وفي اطار السلطان بصفة خاصة - هذه الفجوة هي التي ادت الي تعقيد الامر بالنسبة (للاسلاميين) لانه لاوجود لادب خلاف في اطار السلطان بعد الخلافة الراشدة وانما جل خلافات المسلمين حولالسلطان كانت تحل بالقوة الا ما ندر ( عهد عمر بن عبد العزيز ) وهذا شيء مؤسف اذ ان تداول السلطة عند المسلمين تاريخيا كان يحسم بالقوة او لصالح القوة .( وبعد الخلافة الراشدة كما اسلفت) اذن التاريخ الاسلامي او بالاحري تاريخ المسلمين (السلطاني) لا يسعفنا كثيرا وهذا مما جعل امر الخلاف عندنا صعبا لا علي (الاسلاميين) السودانيين وحسب وانما كان صعبا ايضا علي الاسلاميين الذين هرعوا للاصلاح لان الامر لم يكن يتعلق بامر فقهي بارد او بشان شخصي خاص وانما كان الامر يتعلق باصول في فقه السلطان واصول في فقه الشوري ومدي الزاميتها لمن يلي امر المسلمين !! واصول حول الدستور الذي تواضع عليه الناس واقسموا عليه! هل هو ملزم لمن يلي امر المسلمين ام انه يمكن ان يتجاوزه بمفرده اذا راي ان المصلحة العامة تقتضي ذلك،.الخ و ماذا يعني الدستور؟! واذا كان القرآن والسنة هما المرجعية ؟ فاين موقع الدستور؟ وذا كان ولي الامر يحكم بالكتب والسنة ؟ وهو المرجع لانه قد تمت البيعة له اليس من حقه ان يحسم الخلاف الذي نشا بطريقته؟؟ هذه الاسالة التي اطرحها الان ليست نظرية وانما هنالك من يروج لها من يبن اعضاء الحركة الاسلامية !! واذا كنا قد حسمنا هذه الاسالة وغيرها نظريا وقتلناها بحثا كما يقولون !! فقضية الشوري مثلا هل هي ملزمة ام معلمة ؟ هذه قد بحثناها وتم الاتفاق او قل القرار وفي اطار الحركة الاسلامية السودانية انها ملزمة ! ولكن في اطار السلطة كل هذه القرارات والمسلمات التي سبق ان اتفقنا عليها اصبحت مثارجدل وخلاف ..الخ

لهذه الاسباب فان قضية الاختلاف لم تكن يسيرة حتي علي العلماء الذين هبوا للنجدة ولكن رغم الصعوبات وبعد حوار طويل مع الطرفين توصلوا الي الآتي:-

01- ان الشوري ملزمة لمن يلي امر المسلمين.

02- ان الدستور لا بد من الالتزام به ما دام قد تواضع عليه الناس ولا يمكن ان يعدل الا بالطريقة المنصوص عليها فيه.

03- بناءا علي البندين السابقين فلا بد من الغاء القرارات التي تتعارض مع الشوري و الدستور وغني عن القول ان السلطان لم يلتزم بما توصل اليه العلماء و هذا طبيعي! لان أدب الخلاف السلطاني الموروث هو ان الأمر لمن غلب وهنالك من يروج هذه الافكار بيننا .. والي اليوم !!

❊ د. علي .. حدثنا عن ادق اسرار مادار في اجتماعاتكم مع د. القرضاوي والزنداني والذين اشفقوا علي ما آل اليه حال الحركة وجاءوا وذهبوا دون ان يستطيعوا جمع الصف؟

- ومن خلال الحوارات مع وفد العلماء والتي حضرت جزءا منها هنالك اوجه من الفقه قد كانت غائبة علي بعض العلماء الاجلاء وقد اعترفوا بذلك وانا شاهد في بعضها ومن ما زاد الموقف تعقيدا ان الفقه الذي يعتمد عليه بعض العلماء هو نفس الفقه الذي يجعل السلطة لمن غلب واني لهم ان يفكروا في غير ذلك لان العهد قد طال!! وليس هنالك اجتهادات جديدة او بالاحري فان سلطان المسلمين اصبح وراثة وملكا وما قامت به الحركة الاسلامية لم تكن ملكا؟؟ ولا سلطانا موروثا؟؟ اليكم امثلة لبعض الحوارات التي تمت:-

❊لقد كان احد العلماء الاجلاء يتحاور مع الشيخ حسن وكان خلاصة رايه هو ان الطاعة واجبة لامير المؤمنين(الرئيس والامام...الخ ) وسرد ما شاء الله له ان يسرد من فقه الاحكام السلطانية للماوردي . ورد الشيخ عليه وبطريقته الجريئة المعهودة ( ان هذا فقه بائس !) وضرب الشيخ مثلا له ليبرر مدي بؤس هذا الفقه ! فقال اذا افترضنا ان هنالك انتخابات قد جرت في السودان وان من ضمن المرشحين للرئاسة مع الرئيس شيوعيا ! وفاز عليه الرئيس باغلبية 70/65 ٪ وطلب من هذا الشيوعي ان يبايع الرئيس الفائز او الغالب ! ورفض البيعة فهل تدق عنقه في هذه الحالة ؟؟ وهل تدق عنقه لوحده ؟ ام تدق اعناق الذين صوتوا له ايضا!؟ فما كان من العالم الجليل الا ان قبل بهذه الحجة!!

❊ مثلا اخر اسوقه وايضا من وحي الحوارات التي تمت مع وفد العلماء. وكما تعلفمون ان هذا الوفد كان برئاسة الشيخ العلامة يوسف القرضاوي وينوب عنه الشيخ عبد المجيد الزنداني. وكان الاجتماع هذه المرة بفندق هيلتون الخرطوم وقد حضره وفد العلماء و قد كان وفد الحركة الإسلامية (و هذا قبل المفاصلة) يضم عددا من القيادات ليس من بينها الشيخ حسن وقد كان الشيخان الجليلان القرضاوي والزنداني علي رأس الطاولة ويبدو ان الوفد قد اتي لتوه من الاجتماع مع الرئيس! وربما مع نائبه ايضا؟ لان الأسئلة المطروحة هي أسئلة تتعلق بالرئيس ! وحتي لانخوض في الاسئلة الكثيرة سأحاول التركيز علي الأسئلة المهمة والأجوبة عليها لاهميتها ولدلالاتها الفقهية الآنية والمستقبلية كان من الاسالة المهمة ان البيعة قد تمت للرئيس وعليه تجب طاعته وعدم الخروج عليه؟ والسؤال الثاني: من الذي حل مجلس قيادة الثورة؟ في اشارة واضحة الي ان هنالك قرارات لم يتخذها الرئيس ولكنه ينفذها مثل الآخرين؟ ... الخ

❊بالنسبة للبيعة لقد كانت الاجابة ان البيعة لم تتم لاحد وانما البيعة كانت للحركة الاسلامية والتي قامت بكل شأن الثورة وابرزت لهم صيغة البيعة وتليت عليهم ( الوثيقة) والتي اقسم عليها كل اعضاء الحركة الذين تولوا امر التنفيذ بما فيهم الرئيس واخرون وان هذه الصيغة والبيعة المغلظة ليس فيها اشارة لاحد حتي يدعي ملكيتها ! ولا الامين العام! فإذن البيعة كانت للحركة وليست لشخص!! هنا التفت الشيخ القرضاوي الي الشيخ الزنداني وقال له باللهجة العامية ( بص!! هذا اجتهاد جديد! فالبيعة ليست لشخص وانما للحركة!! واستمر وفد الحركة الاسلامية في المزيد من التوضيح من انالشوكة ?بمعني القوة والتي يتحدثون عنها هي ليست شوكة شخص وانما شوكة الحركة لان الإعداد للثورة من( الالف الي الياء) ودون تفصيل بل وان الافراد الذين شاركوا فعلا في ليلة التنفيذ وعددهم يفوق عدد الذين شاركوا من القوات المسلحة كل هولاء لم يكن ولاؤهم لشخص! وشوكتهم هذه هي شوكة الحركة اذن الخلاصة التي توصل اليها وفد العلماء وبعد الاستماع الي الشهود هي ( ان البيعة للحركة والشوكة شوكة الحركة) !!!

❊بالنسبة لمجلس قيادة الثورة ومن الذي امر بحله فلقد كانت الاجابة سهلة وقد كانت في شكل سؤال، وهو من الذي قرر القيام بالثورة ؟؟! الذي لا شك فيه ان قرار القيام بالثورة كان من هيئة شوري الحركة الاسلامية وعمر البشير لم يكن عضوا في تلك الهيئة !! والذي كون مجلس قيادة الثورة هو الحركة الاسلامية ! ولذا فمن الطبيعي ان يامربحله فما الغرابة في ذلك؟ بل ذهب الوفد الي الكشف عن تفاصيل اخري ليكون وفد العلماء علي بينة من الامر! من ضمن هذه التفاصيل ان الرئيس هذا كان عميدا بالجيش السوداني فمن الذي رقاه الي رتبة الفريق؟ ومن الذي جعله رئيسا لمجلس قيادة الثورة ؟ ومجلس الوزراء؟ وقائدا للجيش السوداني ؟؟ ...الخ اود ان اكرر مرة اخري ان كل هذه المعلومات التي ذكرت لوفد العلماء جاءت في اطار الرد علي الاسالة التي طرحها الرئيس ! وربما نائبه ولذلك كانت الاجوبة واضحة ولتمكن العلماء من الحكم علي بينة من الأمر. وهكذا جاء حكمهم علي النحو الذي اثبتناه سالفا.

ذكرت كل هذه الحيثيات لابين ان الاجابة علي هذا السؤال ليست بالسهولة التي طرح به! كما اني حاولت ان استشهد ببعض ما دار في هذه الاجتماعات المغلقة ذات الطبيعة الخاصة وهي ليست سرية في مضامينها العامة وان كانت في حينها حجبت عن الكثيرين بامر السلطان ولكني اري من الحكمة ان تخرج للعلن لا لاعضاء الحركة الاسلامية وحسب وانما للشعب السوداني الذي كنا ندير شانه وكذلك لقواعد الحركات الاسلامية التي هبت قياداتها لاصلاح ذات البين . ومن وراء هؤلاء و اؤلئك للبشرية اجمع علها تجد فيها من العظات والعبر ما يصلح. وهنالك مفردات وادبيات واجتهادات ...الخ قد انفردت بها الحركة الاسلامية السودانية دون غيرها ولا ندعي لها الكمال بالطبع، لكن اثباتها على الملأ قد يفتح المجال للمزيد من التفكر والتدبر وغني عن القول ان كل ماسقناه من محاولات العلماء للاصلاح والحوارات ..الخ كلها تاتي في اطار الدين ولا حياء في الدين .. والله اعلم .

اقرا اخر الاخبار السودانية على سودانيز اون لاين http://www.sudaneseonline.com............ للمزيد من الاخبار
للمزيد من هذه التحليلات الاخبارية للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


سودانيزاونلاين.كم | المنبر العام | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005 | أرشيف المنبر العام للنصف الثانى من عام 2005 |أرشيف المنبر العام للنصف الاول لعام 2004 | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | مكتبة الدراسات الجندرية | مكتبة د.جون قرنق | مكتبة ضحايا التعذيب |مكتبة الشاعر د.معز عمر بخيت |مكتبة الفساد |
اراء حرة و مقالات سودانية | مواقع سودانية | اغاني سودانية | مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد | دليل الخريجيين السودانيين | الاخبار اليومية عن السودان بالعربى|
جرائد سودانية |اجتماعيات سودانية |دليل الاصدقاء السودانى |مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان |الارشيف والمكتبات |


Copyright 2000-2006
Sudan IT Inc All rights reserved