تحليلات اخبارية من السودان
أراء و مقالات
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

في همشكوريب رايت الجحيم بقلم: مني خوجلي

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
30/1/2006 7:15 م

..ارتفـع معدل الوفيـات بين الحـيوانات وبين الأفـراد
كـل القـري غـاب عنهـا التعليم
ذكريات مني خوجلي
أحـسسـت بخجـل شـديـد مـن الطـعام القليـل لـزوم الطـريق والـذي كنت أحمـله مـعي...لم يكـن شـيئا كـثير فقـد تعلمت مـن تجـاربي والعمـل في مناطـق الحـروب أن اتكـل علي الله تمـامـا...وتعلمت أيضـا أن أعيش قسـوة الحيـاة مع الآخـريـن...وقسوة الحيـاة في همشـكـوريب تعـني أن يتنـاول الأطـفال عصـيدة قلب الـدوم مـع المـاء في كـثير مـن الأحـيـان..أو نادرا مـع اللبـن!

وأذهـلني في همشـكـوريب جمـال طـول النخيل أو شـجـر الـدوم ومـن خـلفه امتـداد سـلسلة الجبال و فـوق قمتها تصـل الغيـوم ...رمـاديـة جميلة..فأمضي مع الأطـفال والشباب في رجـم النخيل الـدوم..فيتسـاقط الدوم علي الأرض فنجمـعه...هم مـن أجـل البقـاء أحـيـاء.... وأنـا معـهم مـن أجـل المشاركـة... وقبلها الإسـتمتاع بمـا أراه جـديـدا وغـريبا مثيرا!

لم تؤثر الحـروب علي الإنسـان فقط...بل امتـد تأثيرهـا المخيف أيضـا علي الحيـوانات مـن إبـل وأغنـام..والأخـيرة تشكـل للأسـر مصـدر تغـذيـة واحيانا رزق مـالي.. بينما الإبـل يمتلكهـا مـن مكنته الظـروف مـن ذلك وتستعمل بشـكل أسـاسي في الرحيـل وفي التجـارة ...

فالأغنـام التي هـي في أغلب أوقاتها مهر للزوجـة ...تصـير رأس مـال تأخـذه معها لبيت الزوجية علي أمـل ان تتكاثر وتـصـبح مصـدر للألبـان واللحـوم لمعظـم الأسـر ...

قـريتنـا القـادمـة كـانت ايدرويت....تعـدادهـا كـان حـوالي 7 ألف
نسـمة ولهاحـوالي 400-500 وحـدة سـكنية بعضها قريب وبعضها متفرق سـاعة الزيارة في عـام 2000بينمـا كـان تعـدادهـا 9 ألف نسـمة ...وعـدد وحـدات سكـنها 2000 وحـدة سـكنية في عـام 1997
ويجب ان نذكـر هنـا أن كـل التعـدا د في كـل الـقـري... لا يمثل الحقيقة المـؤكـدة بسبب
الجــفاف والحـروب المتواصلـة.. ومايسـببه ذلك مـن مـوت وعـدم استقرار بسبب الترحـيـل القسـري...

كـل القـري غـاب عنهـا التعليم...مـا عـدا قريـة واحـدة حيث توجـد مـدرسـة باسبار للأولاد... عـانت كـل القـري ايضـا مـن غياب كـامل أو ضـعف في توفـير الخـدمـات الصـحية...سـوء التغـذية وارتفـاع نسبة الموت بين المـوالبـد والأمهات وفي ذلك يطول الحـديث!

كـذلك انتشار الأمـراض و بين الجميـع... وبين الأغنـام وخـاصـة انتشار مـرض العيـون ... وان كـان قـد بـدأت أثنـاء الزيـارة حمـلة لتطـعيـمهم قـامت بهامنظـمـة أمـل علي مـاأذكـر..ومـع انتشـار الأمـراض..ارتفـع أيضـا معـدل الوفيـات بين الحـيوانات وبين الأفـراد فكـان المـوت لا مـفر منـه لعـدد كـبير مـن السـكـان بسبب المرض أو بسبب القنابـل!

قضـية مهمـة جـدا مـرتبطـة بالمـرأة ...تتعـلق بوجـودهـا وانتاجـهـا ومكـانتها الاجـتمـاعية وأشـكـال كـثيرة مـن التعقيـدات الثقافيـة مـع تواصـل تهميش كـل الحكـومات لكـل الشـرق رجـالا ونسـاءا..
يكـون مـن الخطـأ حـقـا ان ننظـر لمكـانة المـرأة المـرهقـة (بضـم الميم وفتح القاف) في تـدنيها ...بمعـزل عن مكـانة الرجـل نفسـه... فالتهميش طـال الجميع حـتي وأثره يظـهـر علي المـرأة أكـثر..

كـنت قـد استوعبت تمـامـا أهمية إحـترام الثقافات السـائدة هناك.... ومـن ضـمنهـا لبس الحجـاب في أكـثر صـور تشـدده..وقـد فعلت ذلك مـنـذ مغادرتي كـرن...
وهنـا أذكـر ان مهمتي كـانت التواصـل ووجـمـع المعلومـات مـن النسـاء... بينمـا الآخـرون يجـمـعـون ذلك مـن الرجـال...

كـانت مهمـتي هي الأصـعب علي الإطـلاق..فحـديث نسـاء همشـكوريب مـع الآخـرين ليس بالشئ الهـين...
حـتي وإن كـان 'الآخـرون' نسـاء مثلهـن ...التقيت بالنسـاء في هـذه القريـة في مسـجـدهن المخـصص لهـن..وهـو عبارة عـن 'راكـوبة' مساحتها حـوالي أربعين مترا ...تجلس فيها النسـاء والفتيات الصـغيرات علي الأرض..وهـل هنـاك شـيئا غير الأرض يمكـن الجلوس عليه? أحـضـر لي المترجـم برشـا لأجلس عليه إلا أنني فضـلت الجلوس علي التراب مثلهـن..

كـانت البـداية صـعبة للغاية ....فنسـاء همشـكـوريب كـن يختلفن عـن نسـاء قـرورة محـل عملي الأسـاسـي.. جـلست النسـاء وظـهـرهـن لي ...ثم ثيابهن تغطـي الرأس والوجـه..وبـدا ذلك غـريبا لي..فـأنـا إمـرأة مثلهـن! كـذلك تحـدثت بعض النسـاء بصـوت خفيض بينمـا إمتنعت الباقيات..

بالطـبع كـانت هنـاك مشكـلة لغـة... لكـن بعضـهن تحـدثن بالعربي المعقـول في التفاهـم... وبعضـهن كـن يتفاهمـن معي عـن طـريق المترجـم...

إحــدي المشـاكـل الأسـاسية كـانت في 'الانغـلاق'..فليس هنـاك تـواصل بين نسـاء الشمـال ونسـاء البجـا..وان كـان هـذا يصـدق علي كـل المجتمع رجـالا ونسـاءا... بينما هـن وكـل مجتمعهـن يعيشـون في عـالم مختلف تمـامـا..
الا انني هنـا أتحـدث عـن تجـربتي الخـاصة كإمـرأة شـمالية تستمتع بـوجـود قـوانـين متقـدمـة (حـتي ووحكـومـة الشـمال تحـاول وأدهـا) ... ظـهرت لهـم كـأني غـريبة تماما... وعلي الرغـم مـن أننا انتمينـا لنفس الوطـن ونفس النـوع ونفس الديـن الا أنني كـنت غـريبة!!

آلمتني غـربتي... لكـن آلمني أكـثر لغـة الغش وربمـا لغـةالإفـتراض التأكـيدي المسـلم به والتي نكـررهـا في خطـاباتنا السياسية الشـمالية بشـكـل عام وأيضـا مستمر...فنتحـدث عـن كـل النسـاء السـودانيات بلسـان خـادع..وهو خـادع لأنـه عجـز عن عمد ..أو قصـر تدقيق..او غـيره... مـن أن يري البؤس المخيف للآخـرين ويتحـدث عنـه فنبـدأ خطـابنـا بنحـن النسـاء الـسـودانيات بـدلا مـن نحـن نسـاء مـدن شـمـال السودان.. وفي هـذا اتفقت أو تسـاوت في أغلب الأحـيان خطـابة الرجـال وخطـابة النسـاء!

مـني


للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


سودانيزاونلاين.كم | المنبر العام | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005 | أرشيف المنبر العام للنصف الثانى من عام 2005 |أرشيف المنبر العام للنصف الاول لعام 2004 | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | مكتبة الدراسات الجندرية | مكتبة د.جون قرنق | مكتبة ضحايا التعذيب |مكتبة الشاعر د.معز عمر بخيت |مكتبة الفساد |
اراء حرة و مقالات سودانية | مواقع سودانية | اغاني سودانية | مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد | دليل الخريجيين السودانيين | الاخبار اليومية عن السودان بالعربى|
جرائد سودانية |اجتماعيات سودانية |دليل الاصدقاء السودانى |مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان |الارشيف والمكتبات |


Copyright 2000-2006
Sudan IT Inc All rights reserved