تحليلات اخبارية يومية عربية
أراء و مقالات
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

حرام أن تجتمع الكوليرا والفساد علي أهل السودان بقلم سارة عيسي

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
18/2/2006 2:59 م


هناك كارثة انسانية تلقي بثقلها الان في أرض جنوبنا الحبيب ، نعم أغلقنا ملفات الحرب في الجنوب ، ورقصنا أمام شاشات التلفزيون علي أنغام اتفاقية نيفاشا ، ولكننا أهملنا انسان الجنوب التعيس للمرة الثانية ، وهذه المرة تعتبر الحركة الشعبية شريك في الذنب لأنها تسترت علي الكارثة ولم تدفع بها الي وسائل الاعلام المحلية ، ومن المفترض أن يكون للحركة الشعبية نصيب في ساعات البث التلفزيوني حتي يتم تنبيه الشعب علي وقع خطي هذه الكارثة، قبل أن يقع الفأس في الرأس فتقل الحيلة ، وقبل أن تمتد جذور الكارثة شرقا وغربا ، وجنوبا وشمالا ، فيعم الضرر ونحاط بالاذي من كل مكان ، وقد تغاضي شركاء السلطة عن ما يجري في أرض الجنوب وأنشغلوا بالاشتجار حول المراسم الرئاسية واقتسام حصيلة البترول ، ولا أحد يتحدث عن الكوليرا الفتاكة والتي تستهدف الانسان البسيط في مدينة ( ياي ) وجوبا ، بلغ عدد الموتي 47 شخصا وفقا لاحصائيات منظمة الصحة العالمية ، وهناك 1500 اصابة مشرحة للفوز بسبق الموت في أي لحظة ، وأنا أرجح تضاعف هذا الرقم ، لأن وعورة الطرق في الجنوب لا تساعد علي عمل احصائية دقيقة ، ورافقت هذا المرض المنقرض موجة اسهالات واسعة ، فالشر يستطحب بعضه بعضا عندما يكون المستهدف هو انسان الهامش في السودان ، ففي دارفور يوجد كوكتيل من الكوارث في وقت واحد ، جوع وفقر وانعدام للأمن وتصفية عرقية ، وفي الجنوب حرب ثم مجاعة ثم مرض أليم يحصد الارواح في ساعات ، حاولت أن أتابع في الاعلام الانقاذ نبأ هذه الكارثة ، فوجدته منغمسا في بث البيعات لحزب المؤتمر الوطني ، ومشغول بنقل صور معتقلي سجن أبو غريب ، ,وأحيانا يتطرق لزينة الخرطوم وتبرجها من أجل استقبال القادة العرب ، هذا هو قدر أهل السودان البائس وحظهم العاثر ، أنهم كانوا علي متن عبارة الانقاذ الغارقة ، وفي اعلام الانقاذ لا توجد مساحة لمعاناة الانسان السوداني وهمومه ، لأن هذا الاعلام يرسم صورة مخملية ونرجسية بعيدة عن الواقع ، ولا يريد لهذه الصورة أن تتأثر أو تتناثر بفعل حدث هنا أو هناك ، فعندما تري القوارب النهرية تبحر وهي تشق نهري النيل الازرق والابيض حول جزيرة توتي ، وتجلس فوق حافتها المسرعة حسناوتين مثل ملكات الجمال تم اختيارهمن بعناية من أجل الجلوس أمام عدسة المصور ، هذه الصورة تجعل اهلنا في الخارج يحسون بأن بلادهم اصبحت جنة الله في الارض ، و تقفز قلوبهم من بين اضلاعهم لأن وطنهم السودان لحق بركب الحضارة والتطور ، ولكن خبرا مزعجا مثل موت بعض الاهالي بالكوليرا في جنوب السودان ، أو مثل موت بعضهم في جنوب كردفان بسبب الحمي النزفية لن تجدهما في قاموس اعلام الانقاذ المتعالي علي هموم الشعب ، فقد اصبح العالم يرتاع ويثير ضجة كبيرة علي نفوق سبعة دجاجات في مصر , أو نفوق بجعة واحدة علي سطح بحيرة متجمدة في برلين ، ولكن الانسان السوداني لا يكترث لموته أو حياته أحد . فهو ميت قبل أن يولد ، وهو ميت ولو كان علي قيد الحياة لأنه مهمل من قبل الدولة ، وحياته ليست بالشئ الغالي حتي تحرص الدولة للابقاء عليها .
الكوليرا مرض متخلف وغير راقي مثل مرض انفلونزا الطيور العصري ، فقد أنقرضت الكوليرا منذ زمن بعيد ، منذ أن عرف الانسان المراحيض والمياه النظيفة ، أما في السودان فنحن نقول : الما عندو قديم ما عندو جديد ، ولذلك أحتفظنا في ذاكرتنا ببعض الاشياء السيئة ، من أجل الحفاظ علي التاريخ والتراث ، أصبح الانسان السوداني متحفا لمرض منقرض مثل الكوليرا ، فنحن لا نباهي العالم بكرمنا الفياض ومقدرتنا الفائفة في الصرف البذخي و نحن نستقبل ضيوفنا الكثر ، بل علينا أيضا مباهاته بحفظنا لنسل الكوليرا والطاعون والجدري من الانقراض ، وقد تعجبت من تلك الاعلامية المصرية والتي حلت ضيفة علي السودان ايام انعقاد قمة الاتحاد الافريقي بالخرطوم ، سألها مقدم التلفزيون السوداني وهو يتلعثم : ما هو انطباعك عن استقبال السودان لقمة الاتحاد الافريقي ؟؟ فأجابت بعفوية المصريين : الحمد لله انها مضت بسرعة .. والله العظيم لو استمرت مدة طويلة .. لمت من التخمة !! ، هذه الاجابة تترك في نفوس أعضاء المؤتمر الوطني بعض الارتياح وتشعرهم بأنهم قاموا بالواجب وزادوا عليه كيل بعير ، فهم يطعمون ضيوفهم حتي يشعروا بالتخمة ، وينسون الجياع في معسكر ( كلما ) و ( سوبا ) و ( ابو شوك ) ، وبالمناسبة أن الكوليرا تفتك بسرعة بالذين يعانون من الهزال وسوء التغذية . ولكن هل يعرف أهل السودان ما هي الكوليرا ؟؟ وكيف تفتك بالناس ؟؟ أن مرض الكوليرا موجود في السودان ولكن الثقافة به ومعرفة اسبابه لا يتطرق اليهما الاعلام السوداني . وما هو دور كليات الطب الجديدة في التعريف بهذا المرض ؟؟ وهل خاطبت الشعب عبر وسائل الاعلام وشرحت لهم سبل الوقاية من الكوليرا أو اسباب انتقال عدوتها ؟؟ كل ذلك لم يحدث .
و يبدو ان ثورة التعليم العالي الغت مادة الطب الاجتماعي أو طب المناطق من منهج الجامعات ، وليس بغريب أن يتحول ملائكة الرحمة ( الاطباء ) في السودان الي رجال أعمال ونجوم سياسة ، فالخرطوم في هذه الايام تهمس بثروة مامون حميدة وسعيه الدؤوب الي شراء جزء كبير من أرض مطار الخرطوم القديم ليقيم عليها مؤسسته التعليمية الجديدة ، فالاستثمار في كليات الطب اصبحت عوائده افضل من الاستثمار في البورصة ، العائد مضمون وبالعملة الصعبة ، ومعظم العائلات السودانية في دول ل الخليج يراودها حلم تخرج ابنائها من كلية الطب ، مهما كلف الثمن ، واخبرني صديق لي يعيش في دولة خليجية وله بنت تدرس في طب مامون حميدة بقصة في غاية الغرابة ، وذكر لي أن البروفيسور مامون يتحصل الرسوم الدراسية بنفسه وهدده ذات مرة بتجميد العام الدراسي لابنته مع فرض غرامة مالية اذا هو تأخر عن دفع الرسوم الدراسية ، وقد اضطره ذلك الي بيع مصاغ زوجته لكي يسدد القسط المتأخر ، هذا هو سودان الانقاذ ، اصبح كل رمز فيها سلطة مستقلة ، ليفرض الغرامة ويقر العقوبة .هذا هو احد نماذج طب الانقاذ فهل نتوقع من مامون حميدة أن يهب وينجد أهلنا في الجنوب من مرض الكوليرا كما يفعل الاطباء الغربيين هناك .محال أن يفعل ذلك ، لأن اخلاقيات المهنة ضاعت من قلبه ، واصبح رجل أعمال لا يهمه شئ سوي مضاعفة الارباح .
اما الدكتور عبد الحليم اسماعيل المتعافي ، ابن الجزار الذي وجد نفسه صدفة ربانا لسفينة الخرطوم ، فقصصه وصفقاته المالية اصبحت حديث الناس في الداخل والخارج ، فهو يحرص بنفسه علي استقبال كل مستثمر أجنبي يدخل الي السودان ، ويرعاه بعنايته الي أن يرحل ، وأحيانا يرحل مع الزائر المستثمر الي بلده ، ويجلس معه في الاركان المظلمة ويعرض عليه مستخدما تقنيات (multi media) خارطة مدينة الخرطوم بأكملها، ويطلب منه أن يختار اي بقعة يريدها ما عدا المناطق التي تقع داخل الخطوط الحمراء ، فالخرطوم الان محاطة بالجدر العازلة والقواطع التي تحدد حدود رموز حزب المؤتمر الوطني من حدود المستثمرين الاجانب ، وذهل أحد المهندسيين السودانيين في قطر عندما وجد مخططات حديقة الحيوانات القديمة في يد أحد عملاء مكتبه ، فعلم لاحقا ان أرض هذه الحدائق عرضت في مزاد سري اقامه الوالي المتعافي علي شرف بعض المستثمرين العرب ، هذه هي الحقيقة ، ولن تمر سنوات طويلة حتي نجد أن كامل أراضي السودان قد عرضت للبيع وسجلت ملكيتها لوافدين بأسماء سودانية . ولن تبقي في الخرطوم شجيرة حرة يستظل بها طالب مدرسة ، أو تقتات من أوراقها عنزة من غنم الموردة .
اما قصة القصور الرئاسية فهذا أمر آخر ، وضرب من ضروب الفساد لا تجد له مثيلا بين كل دول العالم، فوزير المالية الزبير أحمد في الاستجواب المسرحي الذي تعرض له من قبل اعضاء المؤتمر الوطني في البرلمان تجاهل عن عمد هذه الواقعة ، ورمي بثقل الكرة في ملعب الوالي المتعافي ، لأن عقد التشييد كان بين ولاية الخرطوم وبين مؤسسة مالية اسلامية مقرها في دبي ، طبعا من غير فوائد حسب افادة وزير المالية ، مؤسسة مالية تعطي قرضا بمئات الملايين من الدولارات من أجل بناء قصور رئاسية لوجه الله ، لأنها تريد الاجر والثواب ، وحسب ما بدأ يتكشف لنا الان بخصوص هذه الصفقة المريبة فأننا علي قاب قوسين أو أدني من اكتشاف فضيحة داوية ، لعب فيها الوالي المتعافي واقرباؤه دور الماسيترو ، فقد تم تشكيل شركة صورية من أجل توقيع العقود ، وكما يحدث في شركات غسيل الاموال فان البائع والمشتري هما نفس الشخص ، لما قصة القرض الاسلامي من بنك دبي فلا تعدو عن كونها حبكة مختلقة لابعاد الريبة والشبهات ، واتفاق التنفيذ كان بين ولاية الخرطوم المسمي الاعتباري وبين ولاية الخرطوم في شخص المتعافي ، أي أنه كان البائع والمشتري ، اما الاسعار فكانت قصة اخري ، ولا أحد يستطيع أن يجزم كم تبلغ تكلفة القصر الرئاسي الواحد ؟؟ فهذا سر في بئر .. ولكننا سوف نفضحه بكل تأكيد بعد أن تكتمل خيوط البحث والتحري .
سارة عيسي

للمزيد من االمقالات
للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
سودانيزاونلاين.كم | المنبر العام | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005 | أرشيف المنبر العام للنصف الثانى من عام 2005 |أرشيف المنبر العام للنصف الاول لعام 2004 | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | مكتبة الدراسات الجندرية | مكتبة د.جون قرنق | مكتبة ضحايا التعذيب |مكتبة الشاعر د.معز عمر بخيت |مكتبة الفساد |
اراء حرة و مقالات سودانية | مواقع سودانية | اغاني سودانية | مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد | دليل الخريجيين السودانيين | الاخبار اليومية عن السودان بالعربى|
جرائد سودانية |اجتماعيات سودانية |دليل الاصدقاء السودانى |مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان |الارشيف والمكتبات |

Copyright 2000-2006
Sudan IT Inc All rights reserved
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع