تحليلات اخبارية من السودان
أراء و مقالات
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

رأيت عبدا لحى بقلم أحمد الأمين أحمد

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
12/12/2006 12:58 م


"1944-1989"

أحمد الأمين أحمد


رغم رحيله عن عمر باكر إلا أن الشاعر محمد عبد الحي "1944-1989" قد ركز لواءه الجمالي بثقة وثبات على رمل الشعر والفكر السوداني مسهما بنصيب وافرمن الإضافات العميقة ذات الأصالة والمعاصرة والعمق الفلسفي ,شغل عمرة البحث الدءوب والتقصي في مختلف أنواع الإبداع الانسانى . ترجم أشعارا اسماها "أقنعة القبيلة " لمجموعة من شعراء أفريقيا جنوب الصحراء من شاكلة ليوبولد شوينكا وكريستوفر اوكيكبو :
"مهرجان الطبول ,وأجراسنا الخشبية
في فصول الحديد
يبين نجم قديم ونجم جديد
تتأرجح موحشة وهى تهبط إدراجها اللولبية "
استهلها بمقدمة جميلة عن طبيعة الشعر الافريقى المعاصر اتكائة على موروث ضخم من التراث الشفاهى والمادي ,إيقاع الطبل ,ليل الغابة.أقنعة السحر ، الديانات البكر الرقص الطقسي ومغازلته لأحدث فنون الإبداع الحديث في أوروبا وفى دائرة الفكر المحلى قدم دراسات في الثقافة السياسية بالسودان ضمن مساهمة مع اليونسكو وخاض في وحل " الصراع والانتماء " ويعد من أميز الأكاديميين العرب والأفارقة في الأدب المقارن إذ نال إجازة الدكتوراة " الأستاذية الكبرى" من كلية Saint Antony بجامعة Oxford البريطانية متقصيا في دراسة صعبة وممتعة" هجرة نصوص المتصوفة والرومانسيين الانجليز وميثولوجيا اليونان والتراث الانجليزي المعاصر إلى نصوص الشعراء العرب في النصف الأول من القرن العشرين الميلادي " وهذه الدراسة رغم حسها التاريخي إلا أنها تجيب على الكثير من أسئلة الشعر ,حلل فيها بصرامة وجمال طبيعة شعراء المهجر وجماعة أبوللو والديوان كما قدم فصولا نقدية اسماها "الرؤيا والكلمات" حول شاعر اليقظة والإشراق السوداني التجانى يوسف بشير "1912-1937" والذي تمطى هاجسا ممتعا في فكرة ووجدانه وخطابة الجمالي .
ورغم ثراء مناخات عبدا لحى الإبداعية إلا أن انصع مراعية هي الشعر تشهد بذلك درره المدهشة في ديوان الشعر السوداني المعاصر "أجراس القمر "هذا المحترق" ,السمندل يغنى, الله زمن العنف وبعض المسرحيات الشعرية كرؤيا لملك ,حديقة الورد الأخيرة وخريدتة المطولة العودة إلى سنار تلك الأغنية التي تستعصى مفاتيحها لغرابة وحداثة" لغتها ومجازاتها ومساربها وأغوارها ,إنها فتح جديد في اللغة الشعرية يختلف اختلافا ضخما عن اللغة القديمة " وهى حقا " معضلة في ديوان الشعر السوداني " يعضد ذلك حيرة النقاد والشعراء والسحرة والكهنة والصعاليك والعلماء والمتصوفة فك طلاسمها وإدراك مراميها فأهل الغابة والصحراء ينادون " أنها سؤال في الهوية" وآخرون يقولون بل هي " تعبير عن الجوهر الديني في الطبيعة البشرية" وعبدا لحى نفسه حار في أمرها وكان في كل حوار يغذيها ويشحنها روحا جديدة وهذا قمة الجمال فطبيعة شعرة شديدة التوهج بدرجة يستحيل معها التحديق فيه لإدراك جوهرة ...شعر غريب يحاكى النار والحلم.
محمد عبدا لحى شديد الوعي ولاينادمة شيطا شعر ولعلة أحس منذ ادراكة ازدهار وردة الشعر في وجدانه سعى بكد ويقظة لتحقيق " خطابة الشعري"..غاص في بطون المعرف مرتشفا رحيق الذهن والوجدان البشرى عبر التأريخ والفلسفة والأسطورة واللغة وهذا يبر كثافة المعرفة وتوحدها وحضورها في شعرة ..نظر إلى الكون ..تأمل ذاته لذا جاء شعرة صافيا غزير الثراء والجمال والمعرفة فتهيبه "الجمهور لأنهم يتربوا على شعر ثقافي ينبع من عقل صارم "رأى وتأمل كل شي".
أصدقاء دراسته ومعارفه يعترفون أن عبدا لحى والكتاب صنوان ومحمد مخلوق جوال جاب أرجاء وطنه الجميل منذ الطفولة ...طبيعة السودان البكر الثرة غذت اشعارة وكستها غنائية ساحريه جعلته مثل الحلم ..ينبهنا في حواراته المتعددة أنة تأمل في بصرة وعقلة وخيالة " الأنهار الضخمة وهى تهدر حمراء اللون والجبال والشمس المصهدة والزراف والثعابين والجواميس والوعول والأيائل والغزلان والأسود والنمور والببغاوات والقرود " الأمر الذي خلق نهرا باطنيا في وجدانه يروى اشعارة...الطبيعة الساكنة والمتحركة ألوان باهرة في لوحاته الشعرية يقول في حوار مع عبداللة محمد إبراهيم " قصيدة " حوار " في " كتاب الوجد" تتعانق فيها الطبيعة في السماء بالطبيعة في الأرض والنيل مركزا اساسى فيها " وتأمل مشاهد " العودة إلى سنار ":
أبصر كيف مر أول الطيور
فوقنا.


وكانت الشمس على المياه
أمشاجا من الفسفور واللهيب.
....
شجرا أرى وارى القوارب فوق
ماء النهر والزراع في الوادي .
وفى "حديقة الورد الأخيرة" قصائد كاملة من وحى مشاهدات الطفولة أبرزها " قصيدة الفهد" ومطلعها:
وفجاءة رأينا الفهد مسترخيا
في ظلمة الأوراق
الخضراء ...في الفوضى
الجميلة بين الغصون .
وهى قصيدة تصور مشهدا راة بواكير تجواله المبدع عندما كان طفلا لكن تجارب السنين ورحيق المعرفة غذتا ذلك المشهد بعمق نفسي وفلسفي يتمحور حول " الموت والقسوة" ويدعو إلى تسامح الإنسان مع جمال الطبيعة تجده في لب القصيدة يحتفل القصيدة يحتفل بمخلوقات الله وبراءتها " النحل,النمل ,الأرنب,الصقور ،الطحلب وثمرة الباباى ,المنقة الذهبية....الخ" في جمال شعري بديع مفصحا عن كون من النقاء والبهاء لكن فرحة الطفل " صوت البراءة وصورة الشاعر المثلى-على قول إدريس جماع " لا تكتمل إذ تصرع بندقية الإنسان الفهد الجميل وتفسد جمال الطبيعة وفرحها...ولقد اكسب عبدا لحى ذاك المشهد ثراء ورمزا ولعلة أراد تأكيد خسران الإنسان "بتعارك الصورة الإنسانية المفقودة والصورة الميتافيزيقية القاهرة" وشكل ذك المشهد البكر في ذاكرة الشاعر الأولى بعدا هاما في شعرة " فكرة الموت " الذي يمثل أولى مراحل الانبعاث أهم موضوعاته الشعرية .
تسيطر "فكرة الموت" على معظم شعر عبدا لحى خاصة في ديوانه "حديقة الورد الأخيرة" والذي سر بة كثيرا واعتبره فاتحة لشعرة الجديد يقول في حوار مع الأستاذة سعاد تاج السر" العودة إلى سنار" هي القصيدة الأولى والأخيرة هي "حديقة الورد الأخيرة" وبينهما سنين كبر الشاب وتفرع وشرق وغرب ورجع ثانية وكان بالرجوع مليئا بكل الهدايا الثمينة التي خزنها في دمه وجبلته ورن عن بعد الجرس الذي يقول في ساحة المدينة أن الشاعر قد عاد ..تلك كانت قصيدة العودة ثم بعد ذلك بدأ شغله مع الناس وبالتالي كثف اللغة واخترع تقاليد جديدة يقول بها الشى الذي يقوله مرة أخرى بالصورة الجديدة , حديقة الورد هي صوت الشاعر بعد بلور وعيه المعرفي والجمالي وبالتالي هي أجود المراعى لفهم و دراسة خطابة الشعري ...
أحدثت صورة الموت في ذاكرة عبدا لحى الأولى آلما نفسيا شديد الغورفى ذهنه لذا لا غرابة تمدد ظل الموت في ديوان "حديقة الورد الأخيرة" ,قصيدة " الفجر أو نار موسى " فاتحة الديوان يسيطر على صورتها الموت:
وأنت عند تجلى السكر مقتول
وصحراؤك احترقت ليلا
عنادلها
والورد من دمك المذبوح معلول.
وفى قصيدة " قمار " نجد " منادمة الموت" وفى قصيدة " الفأر" نشاهد " انكسار آنية الخزف" وفى قصيدة "التنين" يصرع المغنى التنين و " هل أنت غير إشارة" التي تمثل قراءة في شعر التجانى يوسف بشير"1912-1937" الشعري صورة لما ورا الموت..
كالطفل في الفردوس يمرح
رغم رائحة الحنوط
ورغو رمل المقبرة.
أما قصيدة " ثلاث غزلان" فتصور مصرع غزالة عند النبع المسحور وهذه الصورة ألهمها مشهد راة الشاعر في المنام " كما حدثني ذات ضحى بعيد" ويتمدد ظل الموت في بقية قصائد الديوان "ديك الجن , الفراشة ملكة الليل، الفرس مقتل الملك القديم،سماء الكلام،تنصيب الملك الجديد ،الحمامة الخضراء،الوجه القديم وحديقة النخيل..":
البيضاء
تميس على في الحر حر والأجراس
حصى الينبوع يستفيق
طفل الماء
ويفتح الحراس
أبواب سنار كي يدخل موكب
الغناء
ويصعد النهر عبر براري جرحه
الطويل
إلى السماء
لم يسجل عبدالحى مشهد الموت كما راة ذلك الفجر البعيد بل كساه الكثير من معرفته العميقة التي رشفها عبر السنين فالموت عند صار "وعيا" ملازما ونورا نحو المعرفة وإدراك الحقيقة وتارة مطية لاغتصاب السلطة وقهر الأخر لكنة في الغالب بشارة نحو "الانبعاث" الذي يبشرنا في عالم لا ثنائية فيه تصبح المخلوقات كما في بداية الخلق بريئة ونقية وهذا بديع كما يقول ويتمنى وفى شعرة تمتزج الأسطورة بالطبيعة والفلسفة والحلم.
لعل عبدالحى أحس "غربة شعرة عن معظم النقاد والمتأملين فعمد كثيرا في حواراته إلى كشف " أصول ومصادر شعرة الفكرية والبيئية" فهدانا إلى انهارة الباطنية التي ساهمت في بلؤرتة وسيدرك المتأمل فيه أن المرجعية الفكرية تنم عن ذهن مرن ومعدة قوية صهرت ثقافات متنوعة وغنية ،الأستاذ فضيلى جماع في " قراءته في الأدب السوداني الحديث" شهد "أن أعمالة تكشف عن شاعرية مبكرة وتحصيل معرفي هائل الكم في بواكير عمر شاعر نعده اليوم في طليعة علمائنا الباحثين" والتشكيلي المبدع حسين جمعان عمر وقد عاصر فترة مضيئة في مشروع عبدالحى " العودة إلى سنار" بانجلترة وصمم ورسم اللوحات المصاحبة ل"حديقة الورد الأخيرة" اعترف أن " عبدالحى بلندن كان كثير الاستماع للموسيقى الأسيوية وخاصة الهندية وانكب على قراءة الكتاب المقدس وقرأ كثيرا مما يتعلق بالحيوان وسلوكه كما انه وقف على التاريخ القديم وقفة متأمل ودرس الأجرام والأفلاك ووقف على بعض الرسوم الإيضاحية القديمة للمجرات والنجوم ودرس عادات الإنسان القديم في الحضارات المختلفة وخاصة النوبية وتحرى في حركة التشكيل المعاصرة والقديمة..." ولعل هذا ما جعل قصيدة بصورة والوانة ولغته وروائحه " لوحة" تكاد تنصهر فيها وتتوحد كل الفنون ..."العودة إلى سنار " يصنفها البعض "مسرحية" وآخرون يقولون "رواية قصيرة" ويلاحظ أن أسلوب تركيب معمار الأبيات يستعير معمار بعض الأشكال الهندسية كالهرم كما نبهنا الناقد "سامي سالم"
سنار
تسفر في
بلاد الصحو جرحا
اسود الأعراف،فهدا قافزا في
عتمة الدم ،معدنا في الشمس مئذنة
نجوما في عظام الصخر ،رمحا فوق مقبرة
كتاب
وهذه الهياكل لا يبنيها الشاعر لزخرفة اسلوبة بل تكاد تكون هناك علاقة بين الشكل واللون الهندسي والفني ومضمون موضوع صورته الشعرية. حسين جمعان برهافته تنبه إلى ا"انسجام الأصوات وتناغمها في بعض مقاطع " العودة إلى سنار " في إحكام
ونسق يحاكيان موسيقى استعارت كل الأصوات " رنة المعدن،صوت الإنسان ،الحيوان،النبات ،الأسماك،الحمام ،صرير الباب،" تأمل بعض نشيد العودة :
أم صوت بشرى غامض يزحف
كالسحلية الخضراء تحت خشبات
الباب
يبعثه من أخر الضمير مرة
عواء ذئب أخر
في طرف الصحراء مرة رنين
معدن الصمت
مرة حفيف السمك الراقص في دوائر النجوم في النهر
ومرة همس عصافير الثمار
حين يلمسها باللهب الأزرق جني
القمر..
وترد في مقاطع متفرقة من هذه الأناشيد وخرائد الحديقة صور ومفردات عديدة ذات صلة وعلاقة بالموسيقى والرقص:
تنفخ في رئة المداح
وضرب بالساعد
عبر ذراع الطبال
ويلاحظ أن الشاعر قد كثف استخدام الموسيقى ليخلق مناخا من الفرح والبهجة التي سادت المجتمع عند عودة "الصوت" الذي يبشر بعالم جديد من الجمال.ومتعدد الاهتمامات يتحدث حديث العارف والمتبحر في التاريخ
عمر عبد الماجد شاعر "أسرار تمبكتو القديمة" ورفيق طلب عبدالحى يقول" كان محمد موسوعة في الثقافة والسياسة والفلسفة والشعر والمسرح والموسيقى والرسم والتصوف والفلك ، يتحدث عن وضاح اليمن" اسم ابنة البكر" والمتنبي والخيام وابن سينا وابن رشد وابن خلدون وشكسبير وبود لير وطمبل والتجانى ونير ودا وبيكاسو ولوركا وماركيز وسنغور كمن عاش معهم واختلط بهم وعرف أسرار دقائق فنونهم وصناعتهم.
هذه الثقافة الرفيعة كست شعر عبدالحى عمقا معرفيا بعيد الغور وجعلته شعرا يستعصى على من لا يداوم على الاطلاع المتنوع كما افقدتة الجماهيرية الواسعة ولعل إحساس عبدالحى بذلك جعله يهتم بالهامش كشكل مكمل لبناء ومضمون شعرة كما فعل في " العودة إلى سنار " وبعض اضاءات "حديقة الورد الأخيرة" وسيدرك المتأمل في اشعارة وفرة وتنوع الرمز والذي يعرف المهتمون "أنة جوهر التعبير الشعري" الأمر الذي يتجلى بوضوح في الحديث خصوصا عند الشاعر المثقف كعبدالحى الذي يتميز رمزه بالعمق والتنوع والهجرة من حضارات وثقافات شتى....فمن حضارة الإغريق يستعير "اوديسيوس"و"بنلوب"صاحبة المنسج فينسج "السمندل في حافة الغياب" متحدثا عن الوفاء والحب والصبر ومن ذات المرجعية يتناول جدلية الشقاء\السعادة،الموت\الخلود عبر توالى المواسم في قصيدة " الفصول الأربعة" ومن جوف الحضارة الإسلامية زهرة الشمس فوق الجبال
زهرة الفقراء ومستضعفي الأمم
زهرة من دم
زهرة من خراسان قد نضجت بالدم
زهرة الفقراء.
من اريتريا لخراسان يمتد نهر حزين
من دم الحنفاء المساكين والقارئين
إنهم يصعدون
لكهوف الجبال البعيدة
فقراء ومستضعفين
فقراء من التبر والزيت من برجوازية المحدثين .
زهرة من دم
تتألق زهرة من دم مسلم
تحت نجوم السماء الجديدة
في الجبال البعيدة
وترفرف مثل الفراشة في صحو هذى القصيدة.
يستلهم صور ومواقف وإشارات عديدة للنفرى ،البسطامى،حافظ،ليلى ،تهجه،كانم،تمبكتو وصاحب الربابة وترد أيضا رموز أخرى كالسمندل ، القرندل،التنين ،ديك الجن وكلها ليس اعتباطا بل ذات علاقة متينة بموضوعاته الشعرية كالانبعاث الحضاري، غربة المثقف،القهر النفسي والتفاوت الطبقي:
رأيتهم :أما،أبا،أطفالا
على رصيف الزمن المهجور يرتدون
شمس الكلمات الزرق والاسمالا
فواحد في رغبة يسأل عن مغارة
وواحد في غربة يسال عن إشارة
ويسأل الأطفال عن خبز فيطعمون الحجارة.
تنبه صاحب "الشرافة والنار" في حاشيته على " العودة إلى سنار" إلى أن "موهبة عبدالحى القوية المستقلة قد اعانتة على تجاوز التراث أو العبور بة إلى مستوى جديد في القول والشكل" والأمر صحيح فوعيه بالتراث لم يكن جامدا بل حوارا متصلا وقلقا ...في الكثير من خرائدة نراه يستوحي صورا وأخيلة ولغة تراثية محلية وعربية وأجنبية ويحقنها بروح جديدة بهدف إنطاقها بلسان يتوافق مع همومه وموضوعاته الشعرية ,تأمل حواراته داخل النص مع مواقف النفرى،فتوحات البسطامى،صور مالا رمية،أخيلة المعرى ومعاني وليلم بتلر Yeats في " العودة إلى سنار" وفى "الحديقة الأخيرة" مقابلة قصيدة " عباد الشمس" مع نص للرومانسي الانجليزي "William Blake " السمو مقابل الجمال كما قال بذلك الشاعر احمد عبد المعطى حجازي في مقالة المدهش عن عبدالحى الموسوم "هذا المبدع المجهول":
من ظلمة الأرض
علت مسقية بعرق الأرض
استطالت حولها بعض أقدام
يحفها سياج الريح والشمس
ويرقص حولها الضياء.
ويستلهم "مسدار الصيد" للحر دلو الكبير " صاحب زينب" ومطلعة"
الشم خوخت بردن ليالي الحرة
والبراق برق من منا جاب القرة
شوف عيني الصقير بجناحه
كفت الفرة
تلقاها أم خدود الليلة مرقت بره
في خريدتة "الليل حتما سيقضى أمرة" نجد الحر دلو يصف الطبيعة ويغنى بزينب متخذا الغزلان أقنعة لكن عبدالحى يصور الخوف داخل النفس الشفافة ويحلم بالاطمئنان و خريدة " السراب" داخل " حديقة الورد الأخيرة "
وبلد عامية اعماؤة
يترقرق سرابه في الدم
يترقرق سرابه في الكلام
السراب في حنجرة المغنى
ولحية الشيخ الوقور .
تمثل هجرة أرجوزة رؤبة بن العجاج :
وبلد عامية اعماؤة
كأن لون أرضة سماؤه
ايهات من جوز الفلاة ماؤه
يحسر طرف عينية فضاؤه.
وتصف المفازة والسراب وتستعرض جرس وموسيقى اللغة العربية أو كما قال عبداللة الطيب لله درة في "القصيدة المادحة" لكن عبدالحى يتأمل وحدة الوجود وتجليها عبر بؤس الأخلاق وفساد المجتمع...وهكذا من نبع الطفولة نصور الذاكرة الأولى ،الأسطورة ، التراث ،المغامرة اللغوية والنهل من المعين الغربي ...كل هذا ينصهر في الشعر ليحلق....
من ترى يمنحني
طائرا يحملني
لمغاني وطني
عبر شمس الملح والريح العقيم
لغة تسطع بالحب القديم
ثم لما امتلأ البحر بأسماك
السماء
واستفاق الجرس الدائم في
اشراقة الماء
* * *
وبكيت ما بكيت
وسألت ما سألت
هل ترى ارجع يوما
لابسا صحوا حلما
حاملا حلمي هما
في دجى الذاكرة وأحلام القبيلة
بين موتاي وشكل أساطير الطفولة.
مراجع وإحالات:
اعتمدت مراجع ومشاهد وشواهد ومواقف وإشارات عديدة بعضها من الذاكرة ويمكن النظر إلى:
أ –محمد عبدالحى محمود:
1- ا- العودة إلى سنار –ديوان شعر –طبعتين عن دار جامعة الخرطوم للنشر الأخيرة 1985.
2-حديقة الورد الأخيرة-ديوان شعر-دار الثقافة للنشر والإعلان-الخرطوم -1984
3-الله في زمن العنف-ديوان شعر-دار جامعة الخرطوم للنشر الطبعة الأولى -1993.
4-حوار مع عبداللة محمد إبراهيم حول "ثنائية الفكر والوجود ووحدتهما" صحيفة السياسة السودانية –الخرطوم –تموز 1988.
5- حوار مع سعاد تاج السر "لست أفريقيا "صحيفة السياسة –الخرطوم آذار 1988 .
ب- عبداللة الطيب المجذوب:
1- القصيدة المادحة---كتاب.
2-فضيلى جماع عبداللة:
1- قراءة في الأدب السوداني الحديث—كتاب صادر بسلطنة عمان.
د- حسين جمعان عمر:
1- مقالان حول العودة إلى سنار بين الطبعتين الأولى والثانية-صحيفة السياسة السودانية 1988 تقريبا.

حاشية:
* نشر هذا المقال لأول مرة على مجلة حروف الصادرة عن دار جامعة الخرطوم للطباعة والنشر العام 1991 في العدد 2\3 الخاص برحيل الشاعر محمد عبدالحى ثم أعاد صديقي الشاعر والمترجم الخلاق بانقا عباس الياس نشرة في العدد 5\6 لمجلة الطريقة الصادرة العام 1997عن رابطة الكتاب الديمقراطيين بألمانيا ثم نشرة المسر حي والشاعر يحي فضل الله في صحيفة " الاتحادي الدولية" الصادرة بالقاهرة بتاريخ 29 شوال 1418 الموافق 26 فبراير 1998.


للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2006
Sudan IT Inc All rights reserved