تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

نحن بتوع الأتوبيس بقلم: حليمة السعدية _ ابو ظبي الامارات

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
10/26/2005 7:00 م

حليمة السعدية _ ابو ظبي الامارات
( نحن بتوع الأتوبيس ) أسم لفيلم مصري سياسي، مبني على قصة حقيقية جرت أحداثها أبان فترة حكم جمال عبد الناصر.

المحور الأساسي للفيلم هو كشف عمل المخابرات المصرية وصور التعذيب والظلم التي تجري في أروقتها بحق المعتقلين السياسيين . موضوع الفيلم ليس جديدا فقد تناولته الدراما العالمية والعربية في أكثر من عمل سينمائي، بل إن وسائل الإعلام الحرة، أو التي تدعي ذلك، تعرض علينا أفلام التعذيب في سجون المخابرات من الواقع المعاش .

ولكن... الذي شدني لهذا الفيلم هو شخصية احد المعتقلين السياسيين والذي زج به في غياهب سجون الآمن المصري مع عدد من المعارضين للحكم آنذاك.

كان محمود وهو اسم هذا المعتقل فنانا، و كاتبا مسرحيا، وأستاذا في الجامعة. كان يعشق بلده مصر ويكتب عنها, ويؤمن بآن التغير أي تغيير لا يأتي إلا بالحب والسلام.

تم تعذيبه بوحشية داخل المعتقل لكي يوقع على اعتراف مزور، لكنه لم يوقع وفضل الموت على غير الحقيقة.

بكيت كثيرا عند موته، على الرغم من أنني لست ممن يذرفون الدموع الغالية على مهازل الدراما العربية والهندية، ولكنني تذكرت محمودا سودانيا..... كان يكتب أيضا عن المحبة والسلام وكان يؤمن أيضا بآن التغير لا يحدث إلا بالمحبة والسلام. كان يهيم حبا بالسودان والسودانيين وقد قال عن السودان ( )( وقد دافع عن سودانه عندما كان واقعا تحت الاحتلال الانجليزى. وقد كان اول سجين سياسي يرفض أن ينحني لجبروت المحتل. وقد كتبت عنه الصحف انذاك ((الرأي العام – 3/6/1946 مثل الاستاذ محمود محمد طه المهندس امس امام قاضي الجنايات المستر مكدوال متهما من بوليس الخرطوم تحت قانون التحقيق الجنائي لتوزيعه منشورات سياسية من شأنها الاخلال بالأمن العام، وقد أمره القاضي أن يوقع على صك بكفالة شخصية بمبلغ خمسين جنيها لمدة عام لايشتغل خلالها بالسياسة ولا يوزع منشورات. ويودع السجن لمدة سنة اذا رفض ذلك.. ولكن الاستاذ محمود رفض التوقيع، مفضلا السجن، وقد اقتيد لتوه الى سجن كوبر.)) وكان يقول دائما عن السودانيين( آن الشعب السوداني شعب عملاق يتصدره أقزام ) وقد صدق الأستاذ العملاق في قوله فقد قام الأقزام بقتله وأساءوا معاملته في سجونهم ( وسجن ذوى القربي اشد مرارة من سجن الغريب ) ، وقد كتبت ابنة أخيه الدكتورة بتول مختار في مقالها بعنوان السجون وسجناء الضمير (ظلت إدارة السجن تعامل الأستاذ كمجرم ينتظر عقوبة الإعدام... وكانت تمانع في الزيارة وتتابع الزوار وتكثر من مضايقتهم وإخراجهم في يوم الزيارة من زيارة منظري الإعدام حسب اللائحة ( السبت، الاثنين، والخميس.) ... فكنا ندخل للزيارة بصعوبة شديدة وفي احد الأيام وبينما كان الأستاذ يخرج من الباب القصير الضيق في طريقه لصالة الزيارة اعترض طريقه العقيد محي الدين محتجا على الزوار بقوله (( ناسكم كتار يا أستاذ ودي مظاهرة سياسية ) واستغرب الأستاذ لهذا الأمر ورد بإيجاز ( ناسنا حقوا انتو تقدروا ظروفهم ))... هذا مع أن سلطات السجن كانت قد فتحت الباب للزيارة. ولكن عبارة مظاهرة سياسية تلك دساها لأنه كان ينوى أن يضعها في تقريره لجهاز الأمن حتى يمنعوا الزيارة وقد فعل ... فقد تناقل رجال الأمن عبارته وان الجمهوريين ذهبوا للأستاذ في مظاهرة سياسية، ومن تلك الزيارة... (( الاثنين 14/1/ 85 ) منعت زيارة الأستاذ ولم يقابل أحد تنفيذ الحكم عليه.). وورد أيضا في مقالها (بعد أيام طلب الأستاذ ماكينة حلاقة، رفض المدير هذا الطلب متذرعا بقرار منع دخول الأدوات الحادة للمحكوم بالإعدام للاعتقاد أنه قد يؤذى بها نفسه وأضاف ممتنا ( أننا قد سمحنا لكم بلباسات بها (تكة ) مع أنها ممنوعة إذ يخشى على المحكوم عليه أن يشنق نفسه بها قال له الأستاذ ( ولكن نحن هل يخشى علينا من مثل هذا السلوك ؟)) رد المدير السابق بأن هذه أوامر السجن ّّ يقول قوله متجاهل الفرق الكبير بين رجل محكوم عليه بالإعدام في منشور ويعلم مصيره ويرفض أن يتنازل أو يسترحم!!!!! وبين اى مجرم يهاب الموت أو قد يشنق نفسه في لحظة اضطراب. )

كل من محمود المصري ومحمود السوداني قد أسئت معاملتهم داخل المعتقلات. وبالرغم من أن سياط كلاب الآمن التي أدمت ظهر المصري لم تمس جسد الأستاذ محمود الطاهر المحفوظ إلا آن السياط التي انهالت على ظهور المستضعفين والعمالقة من الشعب السوداني كانت كأنما تنهال على جسده فينفطر قلبه حزنا وآسي، وقد قرر أن يدفع بروحه وجسده فديه ليرفع السوط عن شعبه.. وقد كان......

وإذا عدنا لأحداث الفيلم فمن الشخصيات التي جذبت انتباهي شخصية ضابط الآمن الذي كان يقوم بالتحقيق مع المعتقلين فقد كان حقا عجيب !!! وأنا لا أستطيع آن أتصور أن رجلا سودانيا نشأ وتربى في بيت تحكمه الأصول والعادات السودانية، وخالي من الظروف التي تخلق العقد والأحقاد، يمكن أن يلعب دور هذا الضابط في الحياة الحقيقية!! بالرغم من أنني قد سمعت قصصا مرعبة ومخيفة عن صور التعذيب التي تجري في المعتقلات السودانية أو بيوت الأشباح كما يسمونها. إلا أنني لا أتصور أن إنسانا سودانيا به ذرة من ضمير إنساني، وله معرفة بسيطة بالقانون، يقوم بتعذيب شخص لينتزع منه معلومة أو اعترافا يدينه . أنا لا اعني الذين يقومون بتنفيذ التعذيب عمليا، فهؤلاء كما يقول عنهم أخوانا المصريين ( ناس غلابة ) بسطاء سذج، يعمل لهم غسيل دماغ من قبل الرؤساء، ويغرس في أفئدتهم الدافع للقيام بهذه الأعمال الوحشية، مرة باسم الدين! ومرة باسم الوطن! ولكن البعض منهم من ذوي القلوب الطيبة سرعان ما يفيقون ويندمون على أعمالهم، كما حدث لجلادي محمود المصري والأستاذ محمود، فقد قام العسكري الذي تسبب بتعذيب محمود في الفيلم حتى الموت قام بقتل ضابط المخابرات في نهاية الفيلم. أما العسكري الذي قام بتنفيذ حكم الإعدام على الأستاذ محمود فقد طلب من الأستاذ أن يعفو منه قبل آن يقوم بالتنفيذ فقال له الأستاذ العظيم ( عفيت منك لكن لا تقوم بهذا العمل مرة ثانية )

آما ضباط المخابرات ومن يعلوهم في هذا السلك، الغالبية منهم، ولا اقول كلهم خوفا من ظلم البريء، فهم أناس قد سيطرت على عقولهم شهوتي السلطة والمال، فباعوا ضمائرهم ونسوا إنسانيتهم، فأصبحوا بذلك عبيدا لا يرجى لهم عتقا.

[email protected]



للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved