مقالات واراء حرة من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة عامان

تعليق على مقال الطيب مصطفى فستذكرون ما اقوله لكم. بقلم ابوطالب تيلك تيو

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
3/27/2005 5:34 م

ابوطالب تيلك تيو
[email protected]

دائما ما يفاجئنا هذا الانفصالى العنصرى الحاقد بمقالات مثيرة للجدل كلما شعر بالنجاحات التى تحققها الحركة على ارض الواقع. و هذه المقالات التى يدعى بأنها تمثل الشمال لا تمثل الا اياه و زمرته من الانفصاليين الشماليين النيليين و هم معروفون. و لكن الانكأ من ذلك ان يريد ان يتحدث عن كل الشمال دائما. و ان هو تناول الموضوع بأعتباره شمالى نيلى صفوى سيتضرر من الوضع الحالى الذى يميزه عن غيره اذا تغير لما اهتمينا بأمره لان ذلك هو المطلوب من هذه الحركة و الا لما دخلت معهم فى صراع ابدا ان كانت لا تريد تغيير الوضع الحالى الى الاحسن من وجهة نظرها و ليس من وجهة نظر الطيب مصطفى و زمرته.

و لكن الطيب مصطفى حتى الان لم يعرف لنا الشمال و الشماليين الذى يتحدث عنهم و انا واحد منهم و قطعا فهو بحديثه هذا لا يتحدث عنى و لا اتفق معه فى كل ما قاله. فما اعرفه هو ان هنالك مجموعة معتبرة من الشماليين و الشماليين النيليين المسحوقين تناصر الدكتور قرنق فى طرحه بل قد حملت السلاح جنبا الى جنب معه مناضلة لتحرير السودان من النعصرية و العبودية و الرق و السخرية التى يمارسها العنصريون الاستعماريون الجدد، و من الفقر و الجهل و المرض المفروض على فيئات معينة من الشعب فى الهامش بكل اتجاهاته ان كان فى اقصى الشمال او فى الجنوب او فى الشرق او فى الغرب. و الحال هذه فى السودان شبيه بحال الكيان العنصرى الجنوب افريقى الذى جسم على صدور المسحوقين سنينا عددا الى ان قيض الله له ان يرحل غير مأسوف عليه و هى حال كل نظام متكبر متجبر.

ان مشاركة جبال النوبة و النيل الازرق و الشرق و بعض الصفوة من النيليين فى النضال مع الحركة من اجل ازالة الظلم و القهر الذى يمارس بواسطة فئة معينة على بقية الفيئات السودانية و اخيرا الحركة التحررية فى دارفور لا تعطى مجالا فى ان يدعى الطيب مصطفى او اى احد يدافع عن النظام القائم بأن يقول بأنه يدافع عن حقوق الشماليين الا ان كان قد قصد الكل و اراد الجزء.

يتحدث هذا الانفصالى الحاقد عن العروبة و الاسلام وهو بذلك يريد ان يستدر عطف البسطاء الى ما ينادى به و هو قولة حق اريد بها باطل. ليس كل المسلمين عربا و ليس كل العرب مسلمين. فأن كان الاسلام يعنى شيئا للطيب مصطفى لما وقف صامتا حيال المذابح التى تتم فى وجه حق المسلمين الابرياء الغير عرب فى دارفور بأسم العروبة المفترى عليها. ان الكتابة الانطباعية الهشة ذات الافق الضيق فى موضوعات كبيرة مثل هذه لا تساعد فى حل المشكل السودانى ان كنا حقا نريد حلا لها. لا بد من الاعتراف بان هنالك مشكلة فى السودان اولا و من ثم السعى لحل هذه المشكلة بدلا من كتابات المكابرة التى لا تسمن و لا تغنى من جوع.

الملاحظ ان هذا الانفصالى له حقد دفين شخصى ضد الدكتور جون قرنق, فدكتور قرنق ان هو دخل سيدخل القصر الجمهورى نائبا اولا للرئيس و من المتوقع ان يكون رئيس السودان القادم و بذلك يكون اول سودانى يكسر هذه الحلقة المفرغة لنظام الحكم فى السودان الى الابد كما و سيكون بذلك اول سودانى مؤهلا تأهيلا كاملا لشغل هذا المنصب منذ الاستقلال و حتى الان و لراينا بعد ذلك الفرق بين اداء نائب و نائب و الفرق بين قامة رئيس و رئيس. فما عداه من رؤساء و غيرهم لم ياتوا هذا المنصب عن جدارة او كفاءة لذا كان الاداء طيلة الخمسين عاما الماضية فى الاجهزة العليا للحكم فى السودان هذيلة و كثيرة الهرجلة و لم تقد السودان الا الى التخلف و الدمار. فخمسين سنة من عمر الدول يجب ان تغير شعوبا و تجعلهم فى مصافى الدول الراقية. فكل الدول التى استقلت معنا و من بعدنا تقدمتنا رقيا و تنمية حتى دولة فى حجم تشاد.

ان محاضرة قرنق الاخيرة التى انتقدها الطيب مصطفى و اشاد بها معظم السودانيون عندما تناولوها بالدراسة و التحليل تعتبر خطابا تأريخيا و ستظل كذلك الى ان ياتى قرنق نفسه بخطاب فى محاضرة اخرى احسن منه. نعم ان الهدف الرئيسى للحركة هو انشأ سودان جديد بكل المقاييس، و هذا السودان يعنى اقصاء النموذج العربى الاسلامى المتحكم الان لانه اسلوب سىء للحكم يقصى الاخر. و لكن رؤية قرنق للسودان الجديد لا يريد له ان يكون عن طريق اقصاء الاخر بالاحلال و الابدال لاننا بذلك نكون لا رحنا و لا جينا و بدلنا الرمضاء بالنار. نريد سودانا جديدا يتعايش فيه الجميع. سودان يعترف كل بالاخر و يحترمه و يقدره و يجله و يعزه. سودان تتوافر فيه العدالة فى كل شىء، و ليس السودان الذى يبكى عليه الطيب مصطفى و زمرته لانه قد ركز الثروة و السلطة فى اياديهم دون غيرهم من باقى الشعب السودانى بدون وجه حق الا لانهم وجدوا انفسهم فى غفلة من الزمان يتحكمون فى مفاصل السلطة فى السودان بعد ان اشربوا غيرهم المقالب.

ان مقارنة الطيب دولتى كينيا و اوغندا بالدول العربية و الاسلامية المتطرفة التى تحفظت الحركة ضد مشاركتها فى قوات السلام فى السودان مقارنة غير موفقة. فالحركة مثلا لم تعترض على مشاركة القوات المصرية لان مصر تعاملت مع قضية السودان بعقل متفتح عندما احتضنت الحركة و الحكومة معا فى اراضيها و لقد كان لذلك اثرا واضحا فى فى تقارب وجهات النظر بين الحكومة و الحركة، كما ان نفس الشى ينطبق على كينيا و اوغندا. فكينيا هى التى ادارت ملف السلام السودانى و للحكومة وجود معتبر فيها، كما للحركة. اما اوغندا، فهى التى لها اتفاقية عسكرية مع الحكومة السودانية لمطاردة جيش الرب و ايقاف هجوم المتمردين من اراضيها، هل الطيب مصطفى على علم بذلك؟ اما الدول الاسلامية و العربية الاخرى المتطرفة والتى لا ترغب الحركة فى ان تشارك فى قوات السلام فقد كانت لها مواقف واضحة و متحيزة ضد الحركة و ليس للحركة ادنى وجود فى اراضيها بل ان هذه الدول تتمنى ان تنتهى الحركة من على الوجود. فدول هذه مواقفها، فقد كان حرى بالحركة ان تكون لها راى واضح تجاهها.

ان الطيب مصطفى يلوى عنق التأريخ عندما يقول ان الاستعمار قد فرض وحدة السودان بين الشمال و الجنوب. و لكن الصحيح ان الاستعمار كان يخطط لفصل الجنوب عن الشمال و قد هيأ الجنوب على ذلك، و لكن مغامرات الشنقيطى فى الجنوب و استمالته لكبار السياسيين و السلاطين الجنوبيين و قتها بالمال و السلطة جعلهم يتخذون قرارا لصالح الوحدة التى دفعوا ثمنها لا حقا عندما تنكر لهم الشمال بل غزاهم بقواته التى تتواجد فى اراضيه حتى الان فأصبحت اراضيه مباحة لانتهاكات حقوق الانسان. ان الجنوب لم ينقل قواته للحرب فى الشمال كما انه لم تكن له اطماع فى ضم اى اراضى شمالية اليه و انما كان كل همه ان يخرج القوات الشمالية من اراضيه التى استبيحت. بعد هذا كله يأتى الطيب مصطفى و يقول ان الشمال لم يلهث من وراء الجنوب عندما يقول " ... يعتقد قرنق ان الجنوبيين بأختيارهم الوحدة يبرون الشمال و يقدمون له خدمة جليلة تحتم على اهله بذل الكثير فى سبيلها بدلا من ان يحدث العكس؟!" كيف بالله يفكر هذا السياسى ان كان سياسيا حقا؟ و هل يعتقد ان كل مغامرات الشنقيطى، و موت صفوة من شباب الشماليين، بعد الحماقات التى ارتكبتها حكومته، فى اراضى الجنوب و من بينهم ابنه و ليس العكس كان كل ذلك بدون دافع؟

لقد كتب الطيب مصطفى عن سلفا كير يقوله قولا نشك في صحته. ان الاختلافات بين السياسيين فى الحركة الواحدة ان كانت تقاس بمقاييس الطيب مصطفى، فأن الحركة الشعبية و خلال مسيرتها فى العشرين سنة الماضية قد طورت نفسها كثيرا مقارنة بغيرها من التنظيمات ان كانت السياسية، او العسكرية التى تنتزع السلطة بواسطة البندقية فى السودان . فليسأل الطيب مصطفى نفسه اين هى حركته الاسلامية الان و اين مرشدهم؟

فالمقارنة التى اجراها الطيب مصطفى كانت مخلة لانه يريد ان يقول لنا ان حركته احسن من حركة قرنق من حيث حقوق الانسان. ان كانت الحركة قد اعدمت ذلك النفر الذى اورده الطيب مصطفى نقلا عن كبيرهم و منظر عنصريتهم حاج حمد صحيحة، كم من الاعدامات قامت به حكومته تجاه الابرياء فى السودان؟ هل دلنا الطيب على ذلك؟ الم اقل لكم ان هذا الكاتب انطباعى و عنصرى التوجه؟

بل لقد ذهب اكثر من ذلك فهو يريد كغيره ان يوقع بين قادة الحركة عندما ذكر بأن هنالك اشاعة قوية عن اعتزام الدكتور قرنق تصفية سلفا كير بعد تجريده من موقعه فى الحركة، و لكن فى نفس الوقت كان سلفا كير يقود اكبر و ارفع وفد للحركة على الاطلاق فى زيارة للصين بشأن العلاقات الاقتصادية مما يوحى بأنه سيكون مسئولا عن هذا الملف الخطير فى الجنوب بصفته نائب قرنق بل سيكون هو الحاكم الفعلى للجنوب عندما يكون قرنق فى الخرطوم. اليس هذا دليلا كافيا على ضحض هذه الاكاذيب التى اقحمها الطيب مصطفى اقحاما لتزيين مقاله؟ و هل الاختلاف داخل الحركة عيب ان كان للاحسن؟

صحيح ان الحكومة و زبانيتها من الجنوبيين المرتشين تحاول مرارا و تكرارا التأثير فى الرجل و اخراجه من الحركة لكى تنهار اتفاقية السلام بمجرد حدوث شرخ داخل الحركة، لكن هل تعتقد الحكومة و نظام امنها بأن الحركة لم تستفد من تجارب الماضى القريب المريرة التى دفع ثمنها الجنوبيون الابرياء؟ و هل تعتقد الحكومة و نظام امنها و الطيب مصطفى ان سلفا كير بعد ان اصبح قاب قوسين او ادنى من ان يكون مانحا بدلا من ان يكون متلقيا كما هو حال الجنوبيون السياسيون الموالين للحكومات الشمالية فى الماضى و الحاضر يريد ان يظل متلقيا لمنح و عطايا لا تسمن و لا تغنى من جوع؟ و كم من المال و السلطة ستعطيها الحكومة لسلفاكير اكثر من الوضع الذى يتمتع به الان؟ ان استشهاد الطيب مصطفى بكتابات بونا ملوال المرتشى تؤكد ما زكرناه اعلاه.

نعم ان البندقية هى كل شى. فهى و ليس غيرها التى اوصلت نظام الانقاذ للسلطة؟ كما ان الرئيس نفسه قد ذكر ان من يريد حقه عليه بحمل البندقية. الم يطلع الطيب مصطفى على هذه الاقوال؟ ام ماذ يريد ان يقول و يعجز عن قوله؟ لماذا اذن يريد الطيب مصطفى ان يحرم ذلك على قرنق و حركته بينما يحلله على نفسه؟

اما عن ارتيريا فهى دولة صديقة. فالعلاقة دائما بين الشعوب و ليس الحكومات و غدا سنرى العلم الاريتيرى يرفرف فى سماء الخرطوم كما سيرفرف العلم السودانى فى ارتيريا. فارتيريا احتضنت المعارضة السودانية كما احتضن السودان المعارضة الارتيرية من قبل. فهى تريد ان ترد الجميل. كما ان ارتيريا لم تحتل اى اراضى سودانية، فالطيب مصطفى يعرف من الذى يحتل الاراضى السودانية كما يعرف ابنائه، و عليه ان يتفوه بذلك ان كانت له الشجاعة. ان القوات المتواجدة فى هموشكوريب هى قوات معارضة سودانية مائة فى المائة.

ان محاولة الطيب مصطفى استمالة سلفا كير تجاه الانفصالى الجنوبى الاخر بونا ملوال لكى تتطابق مواقفهما هى عملية مضحكة. ان كانت طموحات سلفا كير و بونا ملوال هى الجنوب و ان كنت اشك فى محدودية طموحات سلفا كير، فان طموحات قرنق و الشباب المستنير الذى يحيط به من الجنوبيين هى السودان كله و ليس الجنوب، فالسيطرة على الشمال تضمن السيطرة على الجنوب مطلقا، لذا فقرنق ينظر نظرات استراتيجية و هو رجل الدولة القادم بقوة، لانه سودانى و من حقه ان يفكر فى كل السودان كما يفكر الاخرون. فأن كان الطيب مصطفى يعتقد بأن الجنوبى يجب ان يتحدث عن الجنوب فقط و لا يحق له عن يتحدث عن باقى السودان فهذا لا ينطبق على قرنق و على شباب الجنوب الحديث. فهذا شباب مسلح بالعلم الرفيع و يمكنه مقارنة الحجة بالحجة، فهو ليس انهزامى كجيل بونا ملوال و اقرانه المتلقين للمنح و العطايا التى لا تسمن و لا تغنى من جوع على حساب شعوبهم المغلوبة على امرها. و لكن السؤال الذى يتبادر للذهن ما هو السبب الذى يجعل الشماليون النيليون الصفوة يعتقدون بأنهم وحدهم يمكن ان يتحدثوا عن كل السودان و يقررون بشأنه فى حين على الباقين ان كانوا من الجنوب او الشرق او الغرب ان يتحدثوا عن مناطقهم فقط دون غيرها؟ منتهى الاستهتار بقدرات الاخرين . ان العقلية الاستعلائية هذه قد و لى عهدها ان كانت تنطبق على الاجيال السابقة فهى لا تنطبيق على الاجيال الحالية القادمة من تلك المناطق و التى لها طموحات لا تحدها حدود. ان اتفقنا مع الطيب مصطفى فليتحدث كل عن منطقته و ناتى فى النهاية و نتحدث جمعينا عن السودان و لكنا لا نقبل اطلاقا ان يتحدث اخرون عن انفسهم و نيابة عنا و نحن احياء نرزق هذه المرة.

ان قرنق عينه على كل السودان و حتى يضمن ذلك يجب ان تكون له قوات فى الشمال كما للشمال قوات فى الجنوب. فأن اراد الشمال فليسحب قواته من كل الجنوب و يسحب قرنق قواته من كل الشمال، و لكن فى ان يحتفظ الشمال بقواته فى الجنوب و يريد من قرنق ان لا تكون له قوات فى الجنوب يوحى بأن قرنق لم يستفد من دروس الماض و سيكون لقمة صائغة للعقول التى تتامر دئما و لا يهدأ لها بال بل هى لا يمكن ان تعيش فى اجواء خالية من التامر و قد ذكرت كثيرا فى القران من شدة تامرها و مكرها.

نلاحظ ايضا ان الطيب مصطفى يتحدث دائما عن توجه السودان العربى الاسلامى، و لكن ما اعرفه ان الشعب السودانى حتى الان لم يقل رايه فى هذا الامر. ان القرارات الفوقية التى لم يستشر فيها احد يجب الا تفرض كامر واقع. فهوية السودان مازالت محل جدل. فالى ان يجلس السودانيون و يقرروا فى هويتهم باللتى هى احسن، فالسودان عندنا هو السودان و كفى. فأن اردنا جذبه بين العروبية و الافريقية او الشعوبية كما يحلو لانصار الطيب مصطفى لقطعناه اربا اربا، او لاصبح ذلك مضيعة للوقت حاليا خاصة و اننا مقبلون على ممارسة ديمقراطية حسب ما جاء فى برتكول المشاركة فى السلطة بين الحكومة و الحركة. و هذه اللمارسة كفيلة بحسم هذه الامور و شبيهاتها.

لقد ضحك و بكى الطيب مصطفى على نفسه عندما تحدث عن مؤتمر رمبيك الذى حضره اكثر من 240 قيادى فى الحركة و تم تغييب كل من منصور خالد و ياسر عرمان حسب ما جاء فى صياغته، و هو بذلك يعنى الدكتور منصور خالد و القائد ياسر عرمان. و اعتقد انهما وحدهما يمكنا ان يردا على ترحات هذا الشامت. و لكن رسالة القائد ياسر عرمان من الصين قد كانت قوية و بليغة. و اننا ننتظر رد الدكتور منصور خالد على هذا الانفصالى الحاقد الذى يريد ان يوقع بين الجنوبيين و الشماليين النيليين المستنيرين فى الحركة على قلتهم و لكنهم مؤثرون و هذا ما يغيظ اعداء الحركة الشماليين و خاصة النيليين المتطرفين. اننا نعلم بأن هنالك اكثر من الدكتور منصور خالد و القائد ياسر عرمان و سترونهم حين يحصص الحق بين ظهرانيكم، فأصبروا اليس الصبح بقريب؟ و لكن الغريب فى هذا الطيب انه يطرى و يثنى على الجنوبيين المرتشين و المتلقين للمنح و العطايا على حساب شعوبهم المسحوقة و الذين يناصرونه و حكومته مقابل ذلك، اليس هذا هو المضحك و المبكى حقا؟

يتحدث الطيب مصطفى عن عنصرية قرنق و لا اعرف ما هى تلك العنصرية التى يمارسها قرنق و هو لا يملك ما يمارس بها العنصرية. فالعنصرية عادة يمارسها الذى يملك المال و السلطة و هذا ما اغمض الطيب مصطفى عنه عينه. كم من ضحاياه تم عزلهم من وظائفهم بدون وجه حق و حرم السودان بذلك كفاءات اذاعية نادرة تغرد الان فى دول المهجر بدون وجه حق عندما كان هو مديرا للتلفزيون لا لشى الا انهم ليس من بنى جلدته، لماذا لا يتحدث عن العنصرية الصريحة التى تتجسد امامه فى كل مرفق من مرافق الدولة من القمة للقاعدة والتى هو جزءا منها؟ الا يعلم الطيب مصطفى ان سبب الصراع داخل حركتة الاسلامية كان ناتج ممارسات عنصرية داخلها. الم يسأل الطيب مصطفى نفسه لماذا فضل البشير على عثمان محمد طه على الدكتور على الحاج الاكثر خبرة و الارفع تنظيميا عندهم من هذا الاخير؟ الم يسأل الطيب مصطفى نفسه عن ما هى مؤهلات وزير خارجتة الحالى الذى لا يملك اى خبرات سابقة تؤهله ليكون الرجل الاول فى هذه الوزارة فى وجود فطاحلة امثال مهدى ابراهيم الا لانه صفوى نيلى؟ الا ينطبق قول احد شعرائنا الذى يقول كل شخص فى السودان يحتل غير مكانه فالسيف عند جبانه و المال عند بخيله على هذه الحالات؟ اذا ما هى عنصرية الحركة التى يتحدث عنها الطيب و ما هى العنصرية اصلا؟ كلمة او عبارة يطلقها بعض العنصريون الشماليون جزافا لتخويف غيرهم من المطالبة بحقوقهم. اذكر عندما كنا موظفين فى وزارة المالية كان العنصرى الاخر وزير المالية السابق عبدالوهاب عثمان يحرص الا يحضر بعض الاجتماعات العناصر الغير الشمالية القيادية فى وزارة المالية على قلتها. و قد التقطت له جملة من ذلك القبيل فى احدى تلك الاجتماعات، لانه عنصرى و لا يخفى ذلك بل و يعتز بذلك. دولة تدار بمثل هؤلاء و بهذه العقلية لا يمكن ان تكون لها مستقبل باى حال من الاحوال. كما اننا فى الوزارة فى ذلك الوقت و على قلتنا ان اجتمع منا اثنين للتفاكر فى اموره لنظر لهذا الاجتماع بأنه عنصرى و ان زارنا اهلنا فهذا كفر صريح. اما الاخرين من الجزيرة و الشمالية فيمكن ان تجتمع قراهم بمشائخهم بأكملها داخل حوش الوزارة و تقرر فى شأنها و شأن غيرها فهذا ليس بعنصرية عندهم. و قديما قيل كل اناء بما فيه ينضح، و هذا ينطبق على الطيب مصطفى العنصرى و زمرته. ان هذا الاسلوب المتبع لتخويف الناس من المطالبة بحقوقها و التفاكر فى شئونها الخاصة اصبح لا يخيف، فليبحث الطيب مصطفى عن غيرها.

عندما يبدى زعيم سودانى قادم رايه فى شأن سودانى يعتبره الطيب مصطفى " قوة عين" ، و هذا منتهى السفاهة. يجب ان يفيق هذا الطيب الما طيب من غفوته قبل ان يأتيه الطوفان و هو فى غيه يعمه. من الذى اعطى الطيب مصطفى هذا الحق فى ان يتحدث مثل هذا الحديث الغير مسئول؟. يبدوا ان هذا الرجل قد اصبح يفقد وعيه، و لكن فليعلم ان الحركة قادمة الى قلب الخرطوم و ليستعد للمعركة الديمقراطية هذه المرة. فالحركة و قادتها من حقهم ان يتحدثوا فى كل شأن سودانى بالطريقة التى يرونها دون حجر عليهم كما يتحدث غيرهم. فعليك ان تفيق ايها الطيب الما طيب و تنظر للامور بمنظار الواقع. ان هنالك انقلابا وشيكا، و لكن هذه المرة عن طريق الديمقراطية و ليس البندقية و السطو على السلطة بليل. فتذكر الذى حدث فى العراق جيدا. ان الحديث و الدفاع عن الشماليين بتلك السطحية يوحى بأن هذا الرجل يعيش فى برج عاجى، او هو كذلك. نريد ان نقول للطيب مصطفى ان من حق قادة الحركة ان يبدوا ارائهم فى كل كبيرة و صغيرة تحدث فى اى بقعة من بقاع السودان و كفى.

قال الطيب مصطفى ان قرنق قد جلس فى نيفاشا لاخذ حصة الجنوب على حساب الشمال. فما هى حصة الجنوب التى اخذها من الشمال؟ ان كان يتحدث عن البترول، أليس البترول ينتج فى الجنوب و فى اراضى الجنوب؟ هذه هى قوة العين بعينها. ماذا استفادا الجنوب من هذا البترول التى تدخل حصيلته البنوك الخاصة فى ماليزيا. كم هى عائدات ذلك البترول؟ و ما هى الشركات المتعاقد معها و كيفية هذا التعاقد، و من الذى يقرر و على اى اسس؟ كل هذه اسئلة تحتاج الى اجابة. من الذى اخذ من من. عكست الحكاية ايها الطيب الماك طيب. كم هى مشاركة الجنوب المتوقعة فى السلطة؟ اليست هى ثلث المقاعد التى اغتصبها الشمال منذ الاستقلال و حتى الان؟ اذا ماذا اخذ الجنوبيون فى ذلك من الشماليين النيليين الصفوة ذو الثلاث قبائل التى تسيطر على مفاصل الحكم فى السودان منذ الاستقلال و حتى الان؟ و هل هذه القبائل تمثل كل السودان؟ كلام محير فعلا الذى قاله الطيب الما طيب و يريد به لوى الحقيق، لقد احترنا حقيقة فى عقلية هذا الرجل و تناوله للامور بتلك السطحية.

انكسار الشمال. ان انكسار الشمال هذه حالة تخصه لوحده و يجب على الطيب مصطفى ان يعترف بذلك و لا يكابر عندما يريد ان يتحدث نيابة عن الشمال. لقد ذكرنا من قبل و قلنا ان هذا الشمال ليس معرفا تعريفا دقيقا مثل الجنوب. ففى شمال السودان هنالك الاقليم الشمالى و الاقليم الشرق و الاقليم الغربى الذى يضم كردفان و دارفور. كل واحدة ن هذه الاقاليم يمكن ان تشكل مشروع دولة قائمة بذاتها، بل ان هذه الاقاليم نفسها يمكن ان تقسم الى دويلات و دويلات. ان الاقتتال الدائر الان فى الغرب يأخذ منحى متطرفا، بين اصدقاء الامس و فرقاء اليوم. فالدارفوريون قد لعبوا دورا كبيرا فى تثبيت اركان هذا النظام و لكنهم كوفئوا كما كوفء سمنار. فالحكومة فى يدها مفاتيح حل مشكلة دارفور. فأن عجزت عن ذلك فهذه مشكلة تخصها لوحدها. كما ان الخلاف بين البشير و الترابى ليس لقرنق يد فيه و انما كان ناتج تصرفات عنصرية كما زكرنا من قبل. فقرنق لم يأمر البشير بوضع الترابى فى المعتقل التحفظى، فهذه مسألة شمالية بحتة. فالشمال المنبطح وحده يجب ان يلملم اطرافه و يأتى الى كلمة سواء.

اما ما يقوله الطيب مصطفى " ....بما يمكن من تنفيذ الاستراتيجية الامريكية لاعادة رسم خريطة المنطقة بما يحقق مصالح الامبراطورية الامريكية الساعية الان بكل قوة الى امتلاك مصادر القوة ...... و معلوم ان مشروع السودان الجديد يعتبر جزءا من المخطط الامريكى الاسرائيلى الذى يستهدف السودان و مصر بصفة أساسية .... "، يمكن ان نعترف باستهداف امريكا للسودان و لكن لماذا اقحمت مصر اقحاما هنا؟ و من قال للطيب مصطفى ان مصر متضررة من امريكا و اسرائيل؟ اليست لمصر علاقات دبلماسية مع اسرائل و السفير المصرى اتجه الى اسرائيل قبل اسبوع كما ان مصر ثانى اكبر دولة فى العالم تتلقى معونات امريكية بعد اسرائيل نفسها؟ ان هذا الطيب اما انه يكتب فى مسائل لا يعرفها الا مكابرة او انه يريد استدرار عطف الناس بلى الحقيقة، و فى كلى الحالتين هذا تدليس. اما ان اتخذنا حالة السودان فمسكينة امريكا و اسرائيل شماعة اخفاقات العرب اينما وجدوا، فهما الحيطتين القصيرتين. لكن ما ذنب امريكا و اسرائيل ان كا نتا تخططان ليس لابتلاع السودان لوحده و لكن لابتلاع كل العالم، فى حين يحاول الطيب مصطفى التخلى عن جزء عزيز من الوطن بروحه الانفصالية و قصر نظره. و ماذا تنتظر امريكا ان لم تتجه الى التقاف هذه اللقة الصائغة و هضمها؟ كل العالم الان يتجه الى امريكا، و لا نستبعد ان يكون الطيب مصطفى احد ربيباتها او ربيب اخواتها. فالناس فى امريكا لا يتحدثون كما يتحدث الطيب مصطفى، بل يقراون و يدرسون و يحللون و يخططون لالاف السنين فى أننا لا نخطط للغد تخطيطا علميا مفيدا. فخططنا ما هى الا حياكة مؤامرات و الضرب تحت الحزام. لم نصل بعد الى حال الدولة المدنية التى تحترم حقوق الانسان، الدولة التى تعتمد القانون و الدستور. خمسين عاما هى عمر السودان منذ الاستقلال و حتى الان لم يكن للسودان دستور يرتضيه الجميع. الذين هم متحكمون فى السلطة يريدن فرض دستورهم على غيرهم بالقوة و هم يعلمون ان عهد القوى المطلقة قد ولى بدون رجعة. و عليه فان مصلحتهم و مصلحة غيرهم تقتضى الجلوس و التفاكر للوصول للحد الادنى. ان امريكا يحكمها شعبها فى حين اننا يتحكم فى رقابنا افراد و عليه فالبون شاسع بيننا و بينهم. حتى اسرائيل التى تتحكم فى رقاب العرب لم تتمكن من ذلك الا من خلال حكم الشعب فيها لانه هو الذى يقول كلمته فى حين اننا تتحكم فى رقابنا افراد لا حول و لا قوة لهم لمواجهة الاعداء و لكنهم فالحون فى امتصاص دماء شعوبهم. فأن اردنا مواجهة امريكا و اسرائيل فلنعطى شعوبنا حقها فى ادارة نفسها و من بعد سترون، لان الشعوب قادرة على التخاطب فيما بينها. و لكن لا يفلح دكتاتورى مهما كبر حجمه ان يقارع شعوبا ليست له القدرة على السيطرة عليها كما هو الحال فى شعب امريكا و اسرائيل. اما العراق المفترى عليه فسترونه قريبا عملاقا وسط هذه الاكام. فاحسبها ايها الطيب لتقف معنا على حقيقة ما نقول. فكل الحركات الارهابية و الانتفاضات العشوائية ما هى الا بالونات و محاولات يائسة و ستنتهى بمرور الوقت لانها ليس لها عناصر الديمومة و الاستمرارية. فالمجتمعات التى تنتحر شبابها و يجلس شيوخها فى الصفوف الخلفية تحتسى القهوة هى مجتمعات متأكلة لا محالة و ستشعر بهذا فى يوم من الايام. الم اقل لكم اننا لا نخطط للمستقبل و ليس لنا ادنى طموحات لذلك، و بعد ذلك نأتى و نقول ان امريكا قد دنا عذابها، منتهى الاعطباطية. ان حكم الشعب لنفسه وحده هو الذى يصمد امام الاعداء اما ما عداه فسيذهب جفاءا.

نعم، اتفق مع باقان اموم ان اتفاقية نيفاشا ستقضى على دولة الجلابة السيئة الذكر، لانها نظام سيىء للحكم، فهى مثل مثيلاتها من الانظمة الفاسدة التى انهارت. فقد انهار اخيرا نظام الابارتهايد الذى يشبه نظام دولة الجلابة فى كل شى الا ان الاختلاف الوحيد ان نظام الابارتهايد كان نظاما علنيا فى حين ان نظام دولة الجلابة يمارس فى السر و الخفاء و هذه هى خطورة هذا النظام. فعلى الجلابة وحدهم ان ينتهجوا اسلوبا جديدا للحكم حتى لا يجبروا على ذلك اجبارا. عليهم ان ينتهجوا اسلوبا للحكم يستوعب الجميع و فى يدهم هم وحدهم و ليس غيرهم الحل و الا انفجر الوضع هذه المرة فى قلب الخرطوم. فنحن لا نتوقع ان يقوم الصراع القادم خارج العاصمة القومية بأى حال من الاحول. فالذين يؤججون للصراع ان لم يشعروا بحرارته لما تحمسوا للحل. فما يجعل حكومة الصفوة النيلية الان تتعنت فى عدم حل مشكلة دارفور انها لا تدفع فاتورة ذلك. فالدارفورين الغافلون هم وحدهم الذين يدفعون الفاتورة. و ما المحاكمات التى تنتظر الجنجويد الان الا مصداقا لما نقول. فالمقتول درفورى و القاتل الذى سيقدم للمحاكة دارفورى، اذا لماذا تتحمس حكومة الصفوة النيلية لحل مشكلة دارفور؟ الجمرة تحرق الواطية، فهذه رسالة نرسلها للدارفوريين و عليهم ان يعيدوا الكرة مرتين علهم يصلون الى كلمة سواء. ان كان هؤلاء الغافلون لا يقرأون و يعون نحيلهم الى كتابات العنصرى الاخر محمد طه محمد احمد عندما يتحدث نهارا جهارا عن عدم تكرار دولة الخليفة مرة اخرى. فلنسأل هؤلاء من هو الخليفة المقصود ان لم يك هو عبدالله التعايشى تور شين؟ و من اين هو؟ ان لم يكن منهم لحما و دما؟ هل وعيتم الدرس ام مازلتم فى حاجة الى امثلة؟ و ان كانت هذه، تحرك حجرا ناهيك عن مجموعة تتكدس بأرفع حملة للدرجات العلمية فى السودان لمراجعة هذه الفوضى التى تحدث امامهم. و قديما قالوا ما حك جلدك الا ظفرك. ماذا ينتظر هؤلاء و لماذا لم يجلسوا سويا؟ ام انه عدم ثقتهم فى انفسهم نتيجة لغرس روح الاستلاب فيهم رغم هذه الدرجات العلمية الرفيعة؟ و القلم عندهم لا يزيل بلم؟ انها حالة محزنة حقيقة موقف هؤلاء الذى يشجع الطيب مصطفى و امثاله للتجرؤ للاستخفاف بهم. ان الدارفوريون كلهم فى نظر الطيب مصطفى اجانب بدون استثناء عربهم و زرقتهم. هل وصلتكم تلك الاشارات ام ماذا تنتظرون يا هؤلاء؟ اذا لماذا الاقتتال فيما بينكم؟ اصحوا ايها الغافلون و اجتمعوا على كلمة سواء قبل ان يأتيكم الطوفان. اريد ان اقول للطيب مصطفى ببساطة ان الناس وعت و كل يريد ان يحكم و ان تكون له فرص فى امتلاك الثروة مثله مثل الجلابى، فالكل يريد ان يكون متساويا فى الحقوق و الواجبات.

ان حلم الجنوبيون للحكم فى السودان كان دائما متقدما على الشماليين. فعندما نادى الجنوبيون بالحكم الذاتى عند الاستقلال كان الشماليون يعتقدن ان ذلك مستحيلا و لا يمكن تحقيقه و لكن عندما اقتنع الشماليون على مضض بذلك تقدم حلم الجنوبيون خطوة و نادوا بالحكم الاقليمى و عندما استوعب الشماليون ذلك على مضض ايضا افاقوا بالتطور الجديد للجنوبيين فى مطالبتهم بالحكم الاتحادى و عندما افاق الشماليون وجدوا الجنوبيون يتحدثون عن الكنفدرالية و اخيرا الانفصال. الم نقل ان الطرح الجنوبى دائما متقدما عن طرح الشمال. فكلما تأخر الشمال فى الحل لمطالب الجنوبيين كلما اتوا بجديد، فأن استجاب الشماليون الصفوة النياية لمطالب الجنوبيين البسيطة للحكم الذاتى فى فجر الاستقلال لما وصل الوضع فى السودان الى ما وصل اليه اليوم، و لكن قصر نظر ولاة الامور فى ذلك الوقت قد قاد الى هذه الازمة المستفحلة اليوم.ان هذه الحكومة قد كانت واعية و يجب ان نعترف بذلك عنما استجابت هذه المرة لمطالب قرنق و اعطته اكثر مما يخطر على بال الطيب مصطفى و زمرته و لكن ليس على بال الدكتور قرنق و الجنوبيون. فهم لهم اجندتهم و نظرتهم للحكم فى السودان كما للشماليين. فهم اناس يفكرون كما يفكر غيرهم، و العلم مصدره واحد، فكلما تحصل عليه المرؤ مهما كان لونه او جنسه كلما ادى ذلك الى التغيير فى نمط تفكيره و رؤئيته. فجنوبيو اليوم ليسوا بجنوبيى الامس و كلما تقدم الزمن كلما ظهرت اجيال لا تعرف المهادنة و تجدها اكثر شراسة و تمسكا بحقوقها و نظرتها للامور تختلف كثيرا لانها لم تتربى تحت تلك الاجواء الاستلابية. فشباب الحركة اليوم امثال باقان اموم و ياسر عرمان و نيال دينق و عبدالعزيز ادم الحلو و مالك عقار شباب متطلع و له رؤيته و نظرة مغايرة للسودان وما يجب ان يكون عليه فى المستقبل.

لا اريد ان اعلق على ما جاء بقلم الدكتور الشوش، فهو ادرى بذلك، و لكن فقط اريد ان اقول ان ما قاله هى الحقيقة. كما اريد ان اقول ان قرنق سوف لن يقف حتى يحقق ما يريده هو و ليس اولاياءه، لان قرنق ليس له ولى، فالذين لهم اولياء معروفون فى السودان. ان فصل الدين عن الدولة هو مطلب ابناء النوبة و النيل الازرق و البجا و التحالف الفيدرالى و حركة تحرير السودان فى دارفور و النوبيون فى اقصى الشمال، فى الواقع انها مطلب كل قوى الهامش. نعم ان الدين يفرق بين ابناء الوطن الواحد و هذا لا يحتاج لاثبات. فقد استخدم الدين للجهاد فى جبال النوبة و هنالك فتوى شهيرة مازالت سارية المفعول لم يتم الغائها بعد. فرقاب ابناء النوبة مازالت معلقة كرقبة سليمان رشدى الذى افتى الخمينى باجازة قتله اينما وجد مما جعله يعيش كالخفافيش. ان استخدام الدين فى ابتذاذ الخصوم اصبح يمارس بشدة اكثر من اى وقت مضى. فالحكومة التى يناصرها الطيب مصطفى تقتل حفظة القران فى جبل مرة فى دارفور نهارا جهارا، كما و ان قوانين الشريعة تستخدم باستهتار شديد فى الجنينة فى ولاية غرب دارفور لتصفية المواطنين من ابناء المساليت على مرأى و مسمع من السلطات القضائية التى فقدت حيدتها فاصبح القضاء السودانى افسد قضاء فى افريقيا و الوطن العربى فى الوقت الراهن بعدما كان قضاءا تضرب به الامثال فى النزاهة و العدالة. اذا ما هو الدين الذى يتحدث عنه الطيب مصطفى؟ انه افك وضلال، فهم لا يعرفون الدين و لا يرفعون شعاراته الا عندما تتضرر مصالحهم. فقديما قال سيدنا عمر ان عثرت بقرة فى العراق فهو يخاف ان يسأله الله منها يوم القيامة، كم من البقر يعثر فى سودان اليوم و حكامه المسلمون متخمة بطونهم و بنوكهم فى ماليزيا مليئة باموال السحت؟ و لماذا ماليزيا و ليس السودان؟ و هل لا يسرق الا غير اللص بيوت غيره لانه لا يسرق بيته على الاطلاق؟ فهؤلاء لا يشعرون بالانتماء للسودان لذا يسرقونه و يكدسون امواله خارج الحدود انتظارا للخروج الاخير!!!.

ان احياء اللغات هو الصحيح و ليست اللهجات كما زكر الطيب فاللهجة تكون من نفس جنس اللغة، اما اللغة فهى حالة كلامية قائمة بذاتها و ان اراد الطيب مصطفى فهى الرطانة باللغة العربية لان العرب يطلقون ذلك لتمييز اللغات الاجنبية عن لغتهم التى يعتزون بها، فأحياء اللغات هى واجب على حد قوله " انا خلقناكم شعوبا و قبائلا لتتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم." ان الخطط و البرامج المنظمة التى وضعها القائمون على الامر للقضاء على اللغات الافريقية فى السودان ما هو الا قرصنة، لذا من حق هذه الشعوب تعلم لغات امهاتها و التحدث و الافتخار بها كما يفتخر الطيب مصطفى بلغته. ان اللغة لا يمكن ان تقف امام اسلام الشخص، فمعظم المسلمين فى العالم هم من غير العرب يتحدثون لغاتهم و يدينون بالاسلام، و مع ذلك لم يقف احدا فى طريقهم و خير مثال لذلك دارفور فى الغرب و البجا فى الشرق فى السودان. ان الفور فى دارفور هم خير حفظة القران فى السودان لم تقف لغتهم فى طريقهم لحفظ القران و الحال فى هموشكوريب فى الشرق. ان اراد لنا الله ان نكون عربا نتحدث العربية لوفر للطيب مصطفى وقته و جهده و خلقنا عربا مثله و لكن قدرة الله و حكمته شاءت غير ذلك فخلقنا شعوبا و قبائل لنتعارف. فالعروبة عندنا جنس كما زكرنا ذلك من قبل فى احدى كتاباتنا و ليست لغة. فأى حديث غير هذا لا يستقيم عندنا و يتعارض مع الايات القرانية البينات التى لا تحتاج الى اجتهادات من احد ليقنعنا بغيرها كما يفعل البروفسيور المزور لانتخابات كردفان فى عهد النميرى الان. فالذى ساهم فى تزوير انتخابات يمكن ان يزور كل شى و امثال هؤلاء فتواهم مردودة. اما ما ذكره الطيب مصطفى عن مدافعة كمال الجزولى عن تلك اللغات فهو محض كذب و افتراء. و يبدوا انه لم يقرا كل مقالات كمال الجزولى المبطنة التى ردينا عليها فى حينها و رد عليها اخوة اخرون. فقد كان كمال الجزولى اكثر تطرفا فى نهجه و ان اتبع الموضوعية و المنهجية فى كتباته اكثر من هذا التناول الفطير. ان القبائل الافريقية السودانية تعتبر اللغتين العربية و الانجليزية لغتا مستعمر كما و انها لغات مفروضة عليهم، و قد توصلت تلك القبائل ان اللغة العربية لغة غير محايدة و تطلب من متحدثها ان ينتسب للجنس العربى و لكنه فى الواقع لا ينتمى الى ذلك الجنس الا عن طريق اللغة، لذا يجد انه فى صراع دائم مع نفسه مع شعوره بالدونية. اما اللغة الانجليزية، فهى لا تتطلب من متحدثها الانتماء الى جنس اللغة، كما انها لغة العلم و الدبلماسية و الاكثر انتشارا على الاطلاق و يتحدثها الصفوة الحاكمة من العرب احسن من لغتهم العربية نفسها. ان كان هذا يسهل للعربى فأن غير العربى يجد صعوبة فى السيطرة على لغتين اجنبيتين فى قامة اللغتين العربية و الانجليزية بالاضافة الى لغة امه التى يحبها كما يحب الطيب مصطفى لغة امه و يدافع عنها، و لكن هذا شانه لا دخل لنا به، و لكنه يجب الا يفرض علينا ذلك. تجاه هذا الوضع المعقد كان لا بد من اختيار واحدة، فوقع الاختيار على اللغة الانجليزية للمبررات التى ذكرناها كلغة للتدريس مع الاحتفاظ باللغة العربية كلغة للمخاطبة و التعامل العام. و لا نعتقد بان هنالك ما يعيب ذلك حسب وجهة نظرنا.

ان حديث الطيب مصطفى عن العملة المحلية المفروضة و التى تسمى بالدينار و التى لم يستوعبها و يتعامل معها الشعب السودانى حتى الان رغم هذه السنين التى ظلت متداولة بين يديه قسرا و عن استبدالها و كلفتها حديث مايع. فعملة الدولة يجب ان تستوعب الجميع لانها رمز وحدتهم. فدولة مثل الهند التى تتحدث اكثر من خمسة عشر لغة رسمية، نجد عملتها منقوشة بكل تلك اللغات لانها رمز الوحدة. فالثمانين مليون دولار كان يخرجها الدكتور عبدالوهاب الانفصالى الاخر من خزينة الدولة فى حرب الجنوب فى اقل من لمحة بصر، و هذا يعنى انه يهون هذا المبلغ فى استبدال العملة لضمان قوميتها. و هل المهمشون لا يحتاجون الا لهذه الثمانين مليون دولار؟ فالحمدلله الذى جعل الطيب مصطفى يتذكرهم، و لكن يبدو انه لا يعرف ماذا يحتاجون؟

لقد تحدث الطيب مصطفى عن خروقات قرنق للاتفاقية و صمت الحكومة على ذلك و هو يعلم ان حكومته لا يمكن ان تصمت ان خرق قرنق الاتفاقية. فقرنق ينفذ اتفاقيته بحزافيرها من اول يوم تم التوقيع عليها. فهذه الاتفاقية معلنة للملأ و مربوطة بجدول زمنى، و لكن الحكومة و الطيب مصطفى لا زالا بين مصدق و مكذب لهذه الاتفاقية. و لا اعتقد بأن صمت الحكومة صمت حميد، فهو الهدوء الذى يسبق العاصفة. فالحكومة تبحث عن مخارج لالغاء هذه الاتفاقية. و من اولى هذه المخارج هى الايقاع بين قرنق و نائبه، لذا نجد ان الحكومة تكرس كل جهدها فى هذا الاتجاه لانه السبيل الوحيد المتبقى لنسف هذه الاتفاقية. فعلى الحركة و خاصة النائب الاول لقرنق التعامل مع هذا الملف بمسئولية. ان الحديث عن انتقاد جمع قرنق لمناصب النائب الاول لرئيس الجمهورية و رئيس الجنوب و القائد العام لقوات الجنوب هو قولة حق اريد بها باطل. فما فهمناه و يفهمه نائب قرنق جيدا هو ان الحركة لا تريد تكرار اخطاء اتفاقية اديس ابابا التى اضعفت رئيس حكومة الجنوب فى السابق مما جعلته يعلن الاستسلام عندما وجد نفسه لا حول و لا قوة له. فالوظائف المزكورة هى وظيفة واحدة يجب ان يتمتع بها رئيس الجنوب. الذى يجب ان يكون هو القائد العام للجيش فى الجنوب و ممثلا فى اعلى سلطة فى البلاد حتى يستطيع الدفاع عن الجنوب و حقوقه. فرئيس الجنوب هذا يمكن ان يكون قرنق او سلفا كير او شول دينج او حتى بونا ملوال او اى شخص اخر، و عليه لا بد من ان يبتعد الجنوبيون من طرق هذا الباب كلية. فأى محاولة لاضعاف رئيس الجنوب سيدفع الجنوبيون ثمنا لها فى المستقبل، لذا يجب على الجنوبيين الابتعاد عن مناقشة هذه النقطة الجوهرية جملة و تفصيلا ان كانوا فى الحركة او فى الحكومة.

و قبل ان يختم الطيب مصطفى موضوعه، قدم نصيحة لقرنق بأن يعرف قدر نفسه و يبتعد عن احلام السودان الجديد الذى يريد ان يفرضه على السودان جميعه بما فيه الشمال. و لكنا فى الجانب الاخر نقول على الطيب مصطفى ان يفيق هو من احلامه قبل ان ياتيه الطوفان. ان قرنق سوف لن يفرض على احد شيئا بالقوة، فصناديق الاقتراع هذه المرة هى التى ستفصل بين الحق و الباطل و سيعلم الطيب مصطفى من بعد و زمرته ان احلام قرنق هى احلام كل السودانيين. فحتى رئيس الجمهورية نفسه سمعناه يتحدث عن السودان الجديد و الاستقلال الحقيقى للسودان يوم مراسم التوقيع على التفاقية النهائية، اين الطيب مصطفى من ذلك؟ ام انه لم يكن حضورا؟ ان الشخص الوحيد الذى يبكى على السودان بشكله القديم هو الطيب مصطفى و زمرته من الانفصاليين الشماليين النيليين المستفيدين من هذا الوضع. و اما النصيحة الاخرى فقد وجهها الطيب مصطفى للمنتفعين مثله من المحسوبييين للمحافظة على مكاسبهم القديمة ليحرموا الاخرين حقوقهم و لكن نقول ان التغيير اتى و سيكون تغييرا كبير فى الاتجاه الصحيح فى صالح الاغلبية المسحوقة الصامتة من المهمشين و ستحل الطامة الكبرى بهذه الفيئة العنصرية الباغية الظالمة الحاقدة التى تريد ان تعيش على اجساد الاخرين بعد امتصاص دمائهم، و لكن الممارسات الديمقراطية التى جرت فى العراق ستكون درسا للكثير منهم فعليهم الاستعداد من الان ببرامجهم الانتخابية ان كانوا يؤمنون بأن الشعب السودانى يقف معهم. فأن اختارهم الشعب سنكون اول المهنئين لهم.


ابوطالب تيلك تيو
الولايات المتحدة الامريكية
23 مارس 2005م

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved